الطالبيين، والموثقة، والعارفة، والعالمة غير المعلمة، والكاملة، وعابدة آل علي، وغير ذلك من الصفات الحميدة والنعوت الحسنة، وهي أول بنت ولدت لفاطمة صلوات الله عليها.
ولقد كانت نشأة هذه الطاهرة الكريمة وتربية تلك الدرة اليتيمة في حضن النبوة، ودرجت في بيت الرسالة، رضعت لبان الوحي من ثدي الزهراء البتول، وغذيت بغذاء الكرامة من كف ابن عم الرسول (ص) فنشأت نشأة قدسية وربيت تربية روحانية متجلببة جلابيب الجلال والعظمة، متردية رداء العفاف والحشمة، فالخمسة أصحاب العباء (ع) هم الذين قاموا بتربيتها وتثقيفها وتهذيبها، وكفى بهم مؤدبين ومعلمين.
ولما غربت شمس الرسالة، وغابت الأنوار الفاطمية، وتزوج أمير المؤمنين (ع) بإمامة بنت أبي العاص وأمها زينب بنت رسول الله (ص) بوصية من الزهراء (ع) إذ قالت: وأوصيك أن تتزوج بأمامة بنت أختي زينب، تكون لولدي مثلي فقامت أمامة بشؤون زينب خير قيام كما كانت تقوم بشؤون بقية ولد فاطمة (ع)، وكانت أمامة هذه من النساء الصالحات القانتات العابدات، وكانت زينب (ع) تأخذ التربية الصالحة والتأديب القويم من والدها الكرار وأخويها الكريمين الحسن والحسين (ع) إلى أن بلغت من العلم والفضل والكمال مبلغا عظيما.
ولما بلغت صلوات الله عليها مبلغ النساء، ودخلت من دور الطفولة إلى دور الشباب، خطبها الاشراف من العرب ورؤساء القبائل، فكان أمير المؤمنين (ع) يردهم ولم يجب أحدا منهم في أمر زواجها، وممن خطبها الأشعث بن قيس وكان من ملوك كندة على ما في الإصابة، فزبره أمير المؤمنين (ع) وقال: يا ابن الحائك أغرك ابن قحافة زوجك أخته - والحائك هنا المحتال والكذاب - وكان أبو بكر زوج أخته أم فروة بنت أبي قحافة من الأشعث، وذلك أن الأشعث ارتد فيمن ارتد من الكنديين وأسر، فأحضر