يصلي في مقام رسول الله (ص)، فأمر بالقبض عليه فحبسه، والأخبار الواردة فيما جرى عليه قبل الوفاة من هذا الرشيد العنيد من الحبس والوعد والوعيد والجفاء والتهديد ما تضيق به الكتب والأقلام، فلنقتصر على ما أوردناه حذرا من الإطالة والاكثار.
وكان مولده (ع) بالأبواء موضع بين مكة والمدينة يوم الاحد لسبع من شهر صفر سنة ثمان وعشرين ومائة، وكانت سنين إمامته (ع) بقية ملك المنصور عشر سنين ثم ملك المهدي خمسة عشر سنة، واستشهد مسموما بحبس الرشيد على يد السندي بن شاهك يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رجب، وأمه حميدة المصفاة وكانت مدة إمامته (ع) خمسة وثلاثون سنة، وكان يكنى أبا إبراهيم وأبا الحسن وأبا علي، ويعرف بالعبد الصالح والعالم وبالكاظم والنفس الزكية وزين المجتهدين والوفي والصابر والزاهد والممتلي والمبتلي وما أحسن ما قال المصنف رحمه الله حيث يقول:
[جلت مصيبة أحمد في آله * فرمتهم الأعدا بسهم نكال] [تبا لها من أمة قد جردت * سيف البغات بهم وقوس نبال] [كم جرعتهم من قداح سمومها * حتى غدوا صرعى بكل مجال] [ما مات منهم سيد بفراشه * بل مات مقتولا بشر قتال] [أما بسيف أو بسهم ناقع * وا لهفتاه لهم وعظم وبال] [لا زال من بعد النبي عدوهم * يسعى لهم بالقهر والإذلال] [فلقد أصيبوا من بني العباس ما * زادوا على سفهاء كل ضلال] [سفها أمية سيما ما قد جرى * بالطهر موسى مجمع الأفضال] [من عجلها ذاك العنيد رشيدها * قد زاد فعل يزيدها بفعال] [خرت لمصدرها سماوات العلا * والأرض في رجف وفي زلزال] [والعرش منحرف كذا كرسيها * والعالم العلوي في أغوال] [لا غرو إن كسفت له الشمس الضحى * والنجم خر وكل ما هو عالي]