موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٦٣١
نهاية المطاف بعد هذا العمر المديد المقرون بالعمل المضني والجهاد المتواصل، المملوء بالعلم والعمل، والسعي والاجتهاد، والفضل والتقوى، وحب الخير للمسلمين كافة، وحتى غير المسلمين من مشركين وملحدين، وحملة الآراء الشاذة المنحرفة، والذين بذل لهم كل ما في وسعه من النصح والإرشاد، في مناظراته الرائعة، وأسلوبه البديع، ليعيدهم إلى جادة الصواب والطريق المستقيم.
فارق حفيد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) الحياة، بعد عمر ناهز الخامسة والستين، لم يعرف طيلة حياته إلا عالما زاهدا، مدافعا عن الحق والعدل، ورسالة السماء، داعيا إلى الله سبحانه وتعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، فاعلا للخير ودالا عليه، ناهيا عن الشر ومحذرا منه، محتسبا منيبا إلى الله تعالى، صابرا على كل ما أصابه من ظلم وجور وتعسف، منيرا للأمة طريق سعادة الدارين، رافعا للأجيال الصاعدة رايات الكفاح، لا تأخذه في الله لومة لائم، في سبيل الحفاظ على شريعة الله تعالى، ومقاومة كل ضلال أو انحراف أو بدعة أو هوى، مبرهنا ذلك للناس إلى يوم القيامة، بشخصيته الفذة المباركة.
وإن مدرسته الكبرى التي أنشأها، فقد تخرج منها فطاحل العلماء والثقات من الرواة الذين حفظوا لنا تراثنا الحضاري الإسلامي إلى اليوم، والذين مثلوا العقيدة الصادقة، والخلق القويم، وتفجر العلم النافع، والفهم الواسع.
انتقل إلى جوار ربه في الخامس والعشرين من شهر شوال سنة 148 ه‍ - على أشهر الروايات - وكانت وفاته بالمدينة المنورة، ودفن في مقبرة البقيع إلى جنب أبيه وجده، وعم جده الإمام الحسن المجتبى (عليهم السلام)، وإلى جنب جدته فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وجدة جده السيدة فاطمة بنت أسد الهاشمية أم الإمام علي
(٦٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 626 627 628 629 630 631 632 633 634 635 636 ... » »»