وكانت زوجته التقية (حميدة) أم الإمام الكاظم (عليه السلام) تعجب من تلك الحالة، وكيف إن سكرات الموت لم تشغله عن الاهتمام بشأن هذه الوصية، فكانت تبكي إذا تذكرت حالته تلك (١).
وأمر أيضا وهو بتلك الحالة لكل واحد من ذوي رحمه بصلة، وللحسن الأفطس بصورة خاصة بسبعين دينارا، فقالت له مولاته سالمة: أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك؟! قال (عليه السلام): تريدين ألا أكون من الذين قال الله عز وجل فيهم: ﴿والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب﴾ (2)، نعم يا سالمة، إن الله خلق الجنة فطيب ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة ألفي عام، ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم (3).
وهذا مما يرشدنا إلى أهمية صلة الأرحام، بعد الصلاة. وقد كشف في بيانه عن أثر قطع الرحم.
وما اكتفى (عليه السلام) بصلة رحمه فحسب، بل وصل من قطعه منهم، وخاصة من هم بقتله. تلك هي الأخلاق الفاضلة النبوية التي كان ينهجها إمامنا العظيم.
وبعد شهادته (عليه السلام) في عام 148 ه عن عمر ناهز الخامسة والستين، كفنه ولده والإمام من بعده موسى الكاظم (عليه السلام) في ثوبين شطويين (4) كان يحرم فيهما، وفي قميص من قمصه، وفي عمامة كانت لجده علي بن الحسين السجاد (عليه السلام)، وفي بردة اشتراها بأربعين دينارا.