موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٥٣٣
التي تكون منها الأسقام ولا يكون أول ذلك إلا بخطيئة عملها فيوافق ذلك من مأكل أو مشرب في حد ساعات لا تكون تلك الساعة موافقة لذلك المأكل والمشرب بحال الخطيئة فيستوجب الألم من ألوان الأسقام.
ثم قال (عليه السلام) بعد ذلك بكلام آخر:
إنما صار الإنسان يأكل ويشرب ويعمل بالنار ويسمع ويشم بالريح ويجد لذائذ الطعام والشراب بالماء ويتحرك بالروح، فلولا أن النار في معدته لما هضمت الطعام والشراب في جوفه، ولولا الريح ما التهبت نار المعدة ولا خرج الثقل من بطنه (1) ولولا الروح لا جاء ولا ذهب. ولولا برد الماء لأحرقته نار المعدة.
ولولا النور ما أبصر ولا عقل. والطين صورته، والعظم في جسده بمنزلة الشجر في الأرض والشعر في جسده بمنزلة الحشيش في الأرض. والعصب في جسده بمنزلة اللحاء على الشجر (2). والدم في جسده بمنزلة الماء في الأرض.
ولا قوام للأرض إلا بالماء ولا قوام لجسد الإنسان إلا بالدم. والمخ دسم الدم وزبده.
فهكذا الإنسان خلق من شأن الدنيا وشأن الآخرة، فإذا جمع الله بينهما صارت حياته في الأرض؛ لأنه نزل من شأن السماء إلى الدنيا، فإذا فرق الله بينهما صارت تلك الفرقة الموت يرد شأن الآخرة إلى السماء. فالحياة في الأرض والموت

(1) الثقل - بالضم -: حثالة الشيء، وهي ما يستقر في أسفل الشيء من كدرة، والمراد هنا:
النجاسة والعذرة.
(2) اللحاء - بالكسر -: قشر العود أو الشجر.
(٥٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 ... » »»