موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٥١٢
متماسكا يستطيع أن يوحد كلمته في مقابل الظالمين، الذين استبدوا بالحكم، وابتعدوا عن الإسلام، وإن الثورة الدموية ضدهم لا تعود على المجتمع إلا بالضرر، لأنهم أناس جبابرة عرفوا بالقسوة والانتقام، ولهم أعوان يشدون أزرهم، وأنصار يدافعون دونهم، فخطة الإمام الصادق (عليه السلام) تهدف إلى إصلاح النفوس في الأعماق، وإصلاح المجتمع من الداخل، فكان يرسل وصاياه عامة شاملة، وينطق بالحكمة والنصيحة عن إخلاص وصفاء نفس، وحب الصالح العام ليعالج المشاكل الاجتماعية، ويدعو الناس إلى الورع عن محارم الله والخوف منه تعالى والامتثال لأوامره، والشعور بالمسؤولية أمام الله تعالى، وجعل يوم القيامة ويوم الحساب ماثلا أمام أعينهم، مع حثهم على التكسب الحلال وطلب الرزق كما كان يحث على العمل ويعمل بنفسه، وينهى عن الكسل والبطالة.
يحدثنا العلاء بن كامل: إنه جاء إلى الإمام الصادق (عليه السلام) فقال له:
يا أبا عبد الله، ادع الله أن يرزقني في دعة، فقال (عليه السلام): لا أدعو لك. اطلب [الرزق] كما أمرك الله ورسوله.
وعلى أي حال فإن حكم الإمام ووصاياه أنوار تسطع على جبين التأريخ إلى آخر الزمان.
وإليك هذه المقتطفات من كتب الأخلاق للإمام الصادق (عليه السلام).
قال عنبسة بن نجاد: لما مات إسماعيل بن الإمام جعفر بن محمد (عليه السلام) وفرغنا من جنازته، جلس الإمام وجلسنا حوله وهو مطرق، ثم رفع رأسه إلينا وقال: أيها الناس، هذه الدنيا دار فراق ودار التواء لا دار استواء، على إن الفراق المألوف حرقة لا تدفع، ولوعة لا تقلع، وإنما يتفاضل بحسن العزاء، وصحة الفكر، فمن لم يثكل أخاه ثكله أخوه، ومن لم يقدم ولدا كان هو المقدم دون الولد، ثم تمثل بقول الهذلي:
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»