ثلاثمائة عام وتسعة، ثم بعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجتهم وليريهم قدرته وليعلموا أن البعث حق.
وأمات الله (أرميا) النبي (عليه السلام) الذي نظر إلى خراب بيت المقدس وما حوله حين غزاهم بخت نصر وقال: (أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مئة عام) ثم أحياه ونظر إلى أعضائه كيف تلتئم، وكيف تلبس اللحم، وإلى مفاصله وعروقه كيف توصل، فلما استوى قاعدا قال: (أعلم أن الله على كل شيء قدير).
وأحيا الله قوما خرجوا عن أوطانهم هاربين من الطاعون لا يحصى عددهم، وأماتهم الله دهرا طويلا حتى بليت عظامهم وتقطعت أوصالهم وصاروا ترابا، بعث الله - في وقت أحب أن يرى خلقه قدرته - نبيا يقال له: " حزقيل " فدعاهم فاجتمعت أبدانهم، ورجعت فيهم أرواحهم، وقاموا كهيئة يوم ماتوا، لا يفقدون من أعدادهم رجلا، فعاشوا بعد ذلك دهرا طويلا.
وإن الله أمات قوما خرجوا مع موسى (عليه السلام) حين توجه إلى الله فقالوا:
(أرنا الله جهرة)، فأماتهم الله ثم أحياهم.
قال الزنديق: فأخبرني عمن قال بتناسخ الأرواح، من أي شيء قالوا ذلك، وبأي حجة قاموا على مذاهبهم؟
قال (عليه السلام): إن أصحاب التناسخ قد خلفوا وراءهم منهاج الدين، وزينوا لأنفسهم الضلالات، وأمرجوا أنفسهم (1) في الشهوات وزعموا أن السماء خاوية ما فيها شيء مما يوصف، وأن مدبر هذا العالم في صورة المخلوقين، بحجة من روى أن الله عز وجل خلق آدم على صورته، وأنه لا جنة ولا نار، ولا بعث ولا نشور،