موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٣١١
يردعني فقراء الشيعة، فخرجت إلى مكة تلك السنة، فسلمت على أبي عبد الله (عليه السلام) فرد علي بوجه قاطب غير مسرور، فقلت: جعلت فداك، وما الذي غير حالي عندك؟ قال: الذي غيرك للمؤمنين. فقلت: جعلت فداك، والله إني لأعلم إنهم على دين الله ولكن خشيت الشهرة على نفسي. قال: يا إسحاق، أما علمت أن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا اجتمع بين إبهاميهما مئة رحمة، تسعة وتسعون منها لأشدهما حبا لصاحبه، فإذا اعتنقا غمرتهما الرحمة، فإذا التثما لا يريدان إلا وجه الله قيل لهما: غفر الله لكما، فإذا جلسا يتساءلان قالت الحفظة بعضها لبعض:
اعتزلوا بنا عنهما فإن لهما سرا وقد ستره الله عليهما. قلت: جعلت فداك، وتسمع الحفظة قولهما ولا تكتبه وقد قال الله عز وجل: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)؟ فنكس (عليه السلام) رأسه طويلا ثم رفعه وقد فاضت دموعه على لحيته وهو يقول: يا إسحاق، إن كان الحفظة لا تكتبه ولا تسمعه فقد سمعه وعلمه الذي يعلم السر وأخفى، يا إسحاق خف الله كأنك تراه، فإن شككت في أنه يراك فقد كفرت، وإن أيقنت أنه يراك ثم برزت له بالمعصية فقد جعلته في حد أهون الناظرين إليك.
عن إسحاق بن عمار، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فخبرته أنه ولد لي غلام، فقال: ألا سميته محمدا، قلت: قد فعلت، قال: فلا تضربن محمدا ولا تشتمه، جعله الله قرة عين لك في حياتك، وخلف صدق من بعدك، فقلت:
جعلت فداك، في أي الأعمال أضعه؟ قال: ما عدلت عن خمسة أشياء فضعه حيث شئت... الخ (1).

(١) كما ذكر مفصلا في قاموس الرجال للعلامة التستري ١: ٧٥٧. والكشي في الفهرست: ٤٣.
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»