نارا للحرب أطفأها الله، أو نجم قرن للشيطان أو فغرت فاغرة من المشركين، قذف أخاه (1) في لهواتها، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه (2)، ويخمد لهيبها بسيفه، مكدودا في ذات الله، مجتهدا في أمر الله، قريبا من رسول الله، سيدا في أولياء الله، مشمرا ناصحا، مجدا كادحا.
وأنتم في رفاهية من العيش، وادعون فاكهون آمنون، تتربصون بنا الدوائر، وتتوكفون الأخبار، وتنكصون عند النزال، وتفرون من القتال.
فلما اختار الله لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) دار أنبيائه ومأوى أصفيائه، ظهرت فيكم حسيكة النفاق، وسمل جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الأقلين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفا بكم، فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللغرة فيه ملاحظين، ثم استنهضكم فوجدكم خفافا، وأحمشكم فألفاكم غضابا، فوسمتم غير إبلكم، وأوردتم غير شربكم.
هذا والعهد لقريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، والرسول لما يقبر.
ابتدارا زعمتم خوف الفتنة (ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين).
بهذه اللمع الموجزة أعطت السيدة الزهراء (عليها السلام) صورة واضحة عن الدور البطولي الذي قام به الإمام علي (عليه السلام)، والمحيط الذي عاشه مع الصحابة المسلمين فضلا عن المنافقين، والمحن التي عاناها وتحملها بصبر وجلد تنوء عنها الجبال، بعد رحيل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.