ومن الواضح أن المنافقين الذين مردوا على النفاق، وساعدهم على ذلك مردة أهل الكتاب، والأعراب الذين ما آمنوا بالله وما أسلموا إلا بلسانهم ليحقنوا به دماءهم، وغيرهم من الذين جمعهم القاسم المشترك من الحقد الأعمى والثأر والضغينة لقلع جذور الإسلام وما جاءت به رسالة السماء من أساسه، المتمثلة بأهل بيت الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي طليعتهم الإمام علي بن أبي طالب الذي شارك الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في قتالهم على تنزيله، وأخذ سيفه البتار من جبابرة المشركين والأحزاب ومردة أهل الكتاب مأخذه يوم بدر وأحد والخندق وخيبر وحنين وغيرها من المواقف المشهودة له.
وقد جسدت السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) تلك المواقف الرائعة لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) ومحنته يوم خطبت في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أمام حشد المسلمين وكبار الصحابة من المهاجرين والأنصار، فقالت محتجة، مستهلة بالآية الكريمة: ﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم﴾ (1)، فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، ولنعم المعزى إليه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فبلغ بالرسالة، صادعا بالنذارة - إلى أن قالت -: وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق، وتقتاتون القد والورق، أذلة خاسئين تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم فأنقذكم الله تعالى بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد اللتيا والتي.
وبعد أن مني ببهم الرجال وذؤبان العرب، ومردة أهل الكتاب، كلما أوقدوا