موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٣٣
في الأرحام، لم يصبهم سفاح الجاهلية، ولا شاب أنسابهم، لأن الله عز وجل جعلهم في موضع لا يكون أعلى درجة وشرفا منه، فمن كان خازن علم الله وأمين غيبه ومستودع سره وحجته على خلقه وترجمانه ولسانه، لا يكون إلا بهذه الصفة، فالحجة لا يكون إلا من نسلهم، يقوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الخلق بالعلم الذي عنده وورثه عن الرسول، إن جحده الناس سكت، وكان بقاء ما عليه الناس قليلا مما في أيديهم من علم الرسول على اختلاف منهم فيه، قد أقاموا بينهم الرأي والقياس وإنهم إن أقروا به وأطاعوه وأخذوا عنه، ظهر العدل، وذهب الاختلاف والتشاجر، واستوى الأمر، وأبان الدين، وغلب على الشك اليقين، ولا يكاد أن يقر الناس به ولا يطيعوا له أو يحفظوا له بعد فقد الرسول، وما مضى رسول ولا نبي قط لم تختلف أمته من بعده، وإنما كان علة اختلافهم على الحجة وتركهم إياه.
قال الزنديق: فما يصنع بالحجة إذا كان بهذه الصفة؟
قال (عليه السلام): قد يقتدى به ويخرج عنه الشيء بعد الشيء مكانه منفعة الخلق وصلاحهم، فإن أحدثوا في دين الله شيئا أعلمهم، وإن زادوا فيه أخبرهم، وإن نفذوا منه شيئا أفادهم.
ثم قال الزنديق: من أي شيء خلق الله الأشياء؟
قال (عليه السلام): لا من شيء.
فقال الزنديق: كيف يجيء من لا شيء شيء؟
قال (عليه السلام): إن الأشياء لا تخلو إما أن تكون خلقت من شيء أو من غير شيء، فإن كان خلقت من شيء كان معه، فإن ذلك الشيء قديم، والقديم لا يكون حديثا ولا يفنى ولا يتغير، ولا يخلو ذلك الشيء من أن يكون جوهرا واحدا ولونا واحدا، فمن أين جاءت هذه الألوان المختلفة والجواهر الكثيرة الموجودة في هذا العالم
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»