وروى صالح بن كيسان قال: لما قتل معاوية حجر بن عدي وأصحابه.. حج - معاوية - ذلك العام فلقي الحسين بن علي (عليه السلام) فقال - وهو يفخر -:
يا أبا عبد الله! هل بلغك ما صنعنا بحجر وأصحابه وأشياعه وشيعة أبيك؟
فقال (عليه السلام): وما صنعت بهم؟
قال: قتلناهم، وكفناهم، وصلينا عليهم.
فضحك الحسين (عليه السلام) - مستهزءا بعقله الصغير - ثم قال: " خصمك القوم يا معاوية، لكننا لو قتلنا شيعتك ما كفناهم ولا صلينا عليهم ولا قبرناهم "!
ثم أضاف له الحسين (عليه السلام): " ولقد بلغني وقيعتك في علي وقيامك ببغضنا، واعتراضك بني هاشم بالعيوب.. فإذا فعلت ذلك فارجع إلى نفسك، ثم سلها الحق عليها ولها، فإن لم تجدها أعظم عيبا فما أصغر عيبك فيك، وقد ظلمناك يا معاوية فلا توترن غير قوسك، ولا ترمين غير غرضك، ولا ترمنا بالعداوة من مكان قريب، فإنك والله لقد أطعت فينا رجلا - يعني " عمرو بن العاص " - ما قدم إسلامه، ولا حدث نفاقه، ولا نظر لك، فانظر لنفسك أو دع -. (1) هذا هو الحسين (عليه السلام) لا يخشى إذا أراد قول الحق ولا يجامل منافقا يستحق الرد. هذا ويظهر من لقائه مع رأس الضلالة معاوية عدم حرمة اللقاء مع الطاغوت إذا كان فيه بيان للحق وإفحام للباطل كما تراه وإن كانت هنا المبادرة فيه من معاوية أو كان لقاءا على سبيل (الصدفة). ثم إن الحسين (عليه السلام) يعلمنا هنا أخلاقية الحوار الهادئ بصلابة الموقف. فالحكمة واللباقة ووضع الكلمة في مكانها المناسب من عناصر الأخلاق الاسلامية عند الإمام الحسين (عليه السلام).
* الدروس المستفادة هنا:
1 - لا يستطيع المحق أن يفحم أهل الباطل إلا بعلم يكون قد تعلمه من قبل.
2 - لابد للمصلحين أن يتابعوا أخبار الحوادث الاجتماعية والسياسية حولهم للمحاججة حين الجدال مع أهل الباطل.