من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٨٧
لأبيه من البغض، فقلت له: أنت ابن أبي تراب؟
فقال (عليه السلام): نعم.
فبالغت شتمه وشتم أبيه، فنظر إلي نظرة عاطف رؤوف ثم قال: " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، * (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين، واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه سميع عليم، ان الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذاهم مبصرون، وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون) * (1).
ثم قال (عليه السلام) لي: " خفض عليك، أستغفر الله لي ولك، انك لو استعنتنا لأعناك، ولو استرفدتنا لرفدناك، ولو استرشدتنا لأرشدناك ".
قال عصار: فتوسم مني الندم على ما فرط مني.
فقال (عليه السلام): * (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين) * (2) - ثم أضاف يسأل - أمن أهل الشام أنت؟ " قلت: نعم.
فقال (عليه السلام): " شنشنة أعرفها من أخزم، (3) حيانا الله وإياك، انبسط إلينا في حوائجك وما يعرض لك تجدني عند أفضل ظنك ان شاءالله تعالى ".
قال عصار: فضاقت علي الأرض بما رحبت، ووددت لو ساخت بي، ثم سللت منه لواذا، وما على الأرض أحب إلي منه ومن أبيه. (4) هكذا هو الأسلوب مع العدو الذي يجهل مقام الحق أو المبغض الذي لا يحب أهل الحق. وكم ينبغي سكب دموع الأسف على بعض من يدعي اتباع الحسين (عليه السلام) وقد ضيع هذا الأسلوب الحسيني حتى مع أقرب صديق له اختلف معه في جزء من أجزاء المسائل الفرعية، فشال عليه الدنيا ولم يقعدها، وتراه يستمر ويسترسل في عدائه التافه حتى يفضل الإرتماء في أحضان عدو الحسين (عليه السلام) من أن يتصالح مع أخيه الأقرب إليه في الدين

١ - الأعراف: ١٩٩.
٢ - يوسف: ٩٢.
3 - من أمثال العرب الدالة على المعرفة القرائنية.
4 - نفثة المصدور: 614.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»