والمذهب، أنه يفعل هذا الحرام البين دون تأمل في مبرراته الواهية.
وما أجمل ما قاله الحسين (عليه السلام) بهذه المناسبة فيما رواه ابنه الإمام زين العابدين (عليه السلام) قال:
سمعت الحسين (عليه السلام) يقول: " لو شتمني رجل في هذه الاذن وأومئ إلى اليمنى، واعتذر لي في الأخرى، لقبلت ذلك منه، وذلك أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) حدثني أنه سمع جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لا يرد الحوض من لم يقبل العذر من محق أو مبطل ". (1) دقق جيدا، إن محور العفو والحلم والسماحة هنا هو اعتذار المسئ، فما أجدر بأتباع الحسين (عليه السلام) أن يعتذروا إذا ما أساؤا إلى بعضهم، ولكن صعودا إلى قمة المناقبية الأخلاقية من الجيد العفو حتى من دون الاعتذار.
* الدروس المستفادة هنا:
1 - لا تستعجل الرد بالمثل بل قدم الأخلاق السمحة وانتظر الثمرة الرائعة.
2 - الاعتذار من الخطأ نوع من أداء حق الناس وهو من طرق الإصلاح والانتصار.
E / في السخاء والعطف على الحيوان عن الحسن البصري: أن الحسين (عليه السلام) ذهب ذات يوم مع أصحابه إلى بستانه، وكان في ذلك البستان غلام للحسين (عليه السلام) اسمه صافي، فلما قرب من البستان رأى الغلام قاعدا يأكل الخبز، فجلس الحسين (عليه السلام) عند بعض النخل بحيث لا يراه الغلام، فنظر إليه الحسين (عليه السلام) و هو يرفع الرغيف فيرمي نصفه إلى الكلب ويأكل نصفه، فتعجب الحسين (عليه السلام) من فعل الغلام، فلما فرغ من الأكل، قال: الحمد لله رب العالمين، اللهم اغفر لي واغفر لسيدي كما باركت لأبويه برحمتك يا أرحم الراحمين.
فقام الحسين (عليه السلام) وقال: " يا صافي ".
فقام الغلام فزعا وقال: يا سيدي وسيد المؤمنين إلى يوم القيامة، إني ما رأيتك فأعف عني.