وعطشوا، فرأوا في بعض الشعاب خباء رثا وعجوزا، فاستسقوها، فقالت: اطلبوا هذه الشويهة - أي الشاة - ففعلوا، واستطعموها فقالت: ليس إلا هي، فليقم أحدكم فليذبحها حتى أصنع لكم طعاما. فذبحها أحدهم ثم شوت لهم من لحمها فأكلوا وقيلوا عندها، فلما نهضوا قالوا لها: نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه - أي متجهين نحو الحج -، فإذا انصرفنا وعدنا - إلى المدينة - فالممي بنا - أي زورينا - فإنا صانعون بك خيرا. ثم رحلوا.
فلما جاء زوجها - الجاهل - وعرف الحال أوجعها ضربا.. ثم مضت الأيام، فأضرت بها الحال فرحلت حتى اجتازت بالمدينة، فبصر بها الحسن (عليه السلام) فأمر لها بألف شاة، وأعطاها ألف دينار، وبعث معها رسولا إلى الحسين (عليه السلام) فأعطاها مثل ذلك، ثم بعثها إلى عبد الله بن جعفر فأعطاها مثل ذلك (1).
هكذا هم أهل البيت (عليهم السلام) في مكافئتهم الإحسان المحسنين، بالأضعاف المضاعفة، عملا بقوله تعالى * (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) * (2).
ويعلموننا كيف نرغب فيما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) " إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام وأطاب الكلام " (3).
* الدروس المستفادة هنا:
1 - الكرم والإنفاق وإن كان صعبا في بدايته ولكنه مجلب للخير والسرور.
2 - يحسن أن يكون رد الإحسان إلى المحسن أكبر، وذلك تعظيما لروح الإحسان في المجتمع وتشجيعا للمحسنين.
E / في الثقة بالنفس وبيان الحق عن أبي سلمة قال: حججت مع عمر بن الخطاب، فلما صرنا بالأبطح فإذا بأعرابي قد أقبل علينا فقال: يا أمير المؤمنين! إني خرجت وأنا حاج محرم، فأصبت بيض النعام، فاجتنيت - أي اخترت منها - وشويت وأكلت، فما يجب علي؟