من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٢٧٩
من الرضي بالقوت، ومن اقتصر على بلغة الكفاف تعجل الراحة وتبوء خفض الدعة (1).
أي بني الحرص مفتاح التعب ومطية النصب (2) وداع إلى التقحم في الذنوب، والشره جامع لمساوي العيوب (3) وكفاك تأديبا لنفسك ما كرهته من غيرك (4). لأخيك عليك مثل الذي لك عليه، ومن تورط في الأمور بغير نظر في العواقب فقد تعرض للنوائب، التدبير قبل العمل يؤمنك الندم، من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ، الصبر جنة من الفاقة، البخل جلباب المسكنة، الحرص علامة الفقر، وصول معدم خير من جاف مكثر (5) لكل شئ قوت، وابن آدم قوت الموت.
أي بنى لا تؤيس مذنبا، فكم من عاكف على ذنبه ختم له بخير، وكم من مقبل على عمله مفسد في آخر عمره، صائر إلى النار، نعوذ بالله منها.
أي بني كم من عاص نجا، وكم من عامل هوى، من تحرى الصدق خفت عليه المؤن (6). في خلاف النفس رشدها. الساعات تنتقص الأعمار. ويل للباغين من أحكم الحاكمين وعالم ضمير المضمرين.
يا بني بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد، في كل جرعة شرق، وفي كل أكلة غصص (7). لن تنال نعمة إلا بفراق أخرى، ما أقرب الراحة من النصب، والبؤس من

1 - البلغة - بالضم -: ما يتبلغ به من القوت ولا فضل فيه. والكفاف - بفتح الكاف -: ما كفى عن الناس من الرزق واغنى. والخفض لين العيش وسعته. والدعة - بالتحريك: - الراحة والإضافة للمبالغة أي تمكن واستقر في متسع الراحة.
2 - النصب - بالتحريك -: أشد التعب.
3 - الشره - بكسر الشين وشد الراء -: الحرص والغضب والطيش والعطب وقد يطلق على الشر أيضا.
وفي بعض النسخ بدون التاء.
4 - كذا والظاهر " اجتناب ما تكره - الخ " كما في النهج.
5 - الوصول - بفتح الواو -: الكثير الاعطاء. والمعدم: الفقير. والجاف فاعل من جفا يجفو جفاءا ضد:
واصله وآنسه. والمكثر: الذي كثر ماله، يعني من يصل إلى الناس بحسن الخلق والمودة مع فقره خير ممن يكثر في العطاء وهو جاف أي سيئ الخلق.
6 - التحري: القصد والاجتهاد في الطلب. والمؤن - ضم الميم وفتح الهمزة - جمع المؤونة وهي القوت أو الشدة والثقل.
7 - الشرق: الغصة وهي اعتراض الشئ في الحلق وعدم أساغته، ويطلق الأول في المشروبات والثاني في المأكولات.
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 » »»