من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١١٧
E / في الكياسة والعمل بالشريعة تحث الأخلاق الإسلامية على التوسط في الأمور الخيرية، ولكنها إذا دار الأمر بينها وبين تعطيل الحدود والأحكام الإسلامية فإن الأخلاق تكون مع الحدود والأحكام. ولابد من تزريق الوعي لهذه الحقيقة بين الناس بشتى الأساليب التلطيفية الحكيمة وهذا بحد ذاته مفردة أخرى من الأخلاق الحميدة.
ورد أن عليا (عليه السلام) أخذ رجلا من بني أسد في حد وجب عليه ليقيمه عليه، فذهب بنو أسد إلى الحسين بن علي (عليهما السلام) يستشفعون به، ويتوسطون فأبى عليهم - الحسين - فانطلقوا إلى - أبيه - علي (عليه السلام) فسألوه، فقال: " لا تسألوني شيئا أملكه إلا أعطيتكموه "!
فخرجوا مسرورين فمروا بالحسين (عليه السلام) فأخبروه بما قال، فقال (عليه السلام): " إن كان لكم بصاحبكم حاجة فانصرفوا فلعل امره قد قضى " فانصرفوا إليه، فوجدوه (عليه السلام) قد أقام عليه الحد، قالوا: ألم تعدنا يا أمير المؤمنين؟
قال: " لقد وعدتكم بما أملكه، وهذا شئ لله لست أملكه ". (1) كم أتمنى أن يقرأ كل واحد ممن بيده شئ من بيت المال أو المكانة الاجتماعية أن يتخلق بأخلاق الشريعة فلا يتلاعب في الأمانات وحقوق الناس والمبادئ الكريمة وفق أهواء القرابة والصداقة والواسطات فيبرر تعطيل أحكام الله برعاية الأخلاق والمصالح الثانوية، في الوقت الذي هذا الأمر يتطلب درجة عالية من التقوى والمعرفة الموضوعية.
يقول الإمام الحسين (عليه السلام) في حديث: " اتقوا هذه الأهواء التي جماعها الضلالة وميعادها النار ". (2) * الدروس المستفادة هنا:
1 - إن الأخلاق الحسنة من أجل إحقاق الحق، وليست لتعطيله عن التنفيذ، ذلك لأنها من الحق، والحق لا يتجزأ أو يبطل بعضه بعضا.
2 - لابد في سبيل تنفيذ الحق أن ينظر المنفذ إلى عاقبة عمله السارة وثمرة حزمه اللذيذة. فالبعد في النظر يخدم الأخلاق والحق دائما.

١ - دعائم الاسلام ٢: ٤٤٣ حديث ١٥٤٧.
٢ - لسان العرب ٢: ٣٥٦ " جمع "، إحقاق الحق 11: 591.
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»