من موالي المدينة والباقون من حبشان (1) المدينة.
فقال الوالي للرجل: ورب القبر والمنبر لتصدقني أو لأهرأن (2) لحمك بالسياط.
فقال الرجل: والله ما كذب الحسين (عليه السلام) وقد صدق، وكأنه كان معنا، فجمعهم الوالي جميعا فأقروا جميعا، فضرب أعناقهم. (3) وهنا ليس للعفو مورد، لأن القصاص إحياء للحق وحياة للمجتمع، تنمو به الأخلاق الحميدة ولا يجد معها القتلة والمجرمون مدخلا إلى أغراضهم الدنيئة مضافا إلى أن العفو لا يجري في حقوق الآخرين. والإمام (عليه السلام) هنا في موقف التأديب الشرعي وتسديد الحق لذوي المقتولين، إنه موقف أخلاقي منه مع رعاية كل الجوانب الشرعية.
ويناسب هذا المقام ما قاله الإمام الحسين (عليه السلام) أيضا:
عجبت لذي التجارب كيف يسهو * و يتلو اللهو بعد الاحتباك (4) ومرتهن الفضائح والخطايا * يقصر باجتهاد للفكاك وموبق (5) نفسه كسلا وجهلا * و موردها مخوفات الهلاك بتجديد المآثم كل يوم * و قصد للمحرم بانتهاك سيعلم حين تفجؤه المنايا * ويكثف حوله جمع البواكي (6) * الدروس المستفادة هنا:
1 - ما دام لا يتوجه إلى الفرد ضرر عقلائي لابد له أن ينصح حتى ولو كان لا يرى مستمعه أهلا للنصيحة. ذلك لأن الانسان مهما كان فإن ضميره يلتقط النصائح ويختزنها للساعة المناسبة.