وللأستاذ عبد الوهاب حمودة مقال تحت عنوان (من زلات المستشرقين) ذكر فيه زلات المستشرقين المتكررة، وهفواتهم الشايعة وتصيدهم للروايات الضعيفة، ونقد كتاب (العقيدة والشريعة) لجولد تسيهر، وكتاب (الاسلام) لجيوم وغيرهما.
وربما لم يكن لعناية بعض من لا إحاطة له بالمسائل التاريخية والمباحث الاسلامية إلى أقوال المستشرقين علة الا الأسماء التي لم تكن مانوسة كبراون، ونولدكن، وهنرى لامنس، واميل درمنغم، فيحسب المسكين ان تحت هذه الأسماء حقائق عالية، وآراء ثاقبة، وليس ذلك الا لضعف الشرق، واستيلاء الغرب عليه، حتى أن بعض ابنا الشرق يعتقد صعوبة المناقشة في آراء المستشرقين ونظرات الغربيين والرد عليهم، لأنه يحسبهم من رجالات العلم والاطلاع في جميع العلوم، ويظن ان تقدمهم في الصناعات والطب والبيطرة مستلزم لتقدمهم في ساير العلوم، وان يكونوا أخبر بحال الشرق وطباع أبنائه وتاريخ الاسلام، وأصول التشريع، وعقايد الفرق الاسلامية من علماء المسلمين، ولم يعقل ان ما حصل للمستشرقين من العلوم الاسلامية والبحوث التاريخية لم يحصل الا لأجل الغور في علوم المسلمين، ومطالعة كتب علمائهم.
هذا مضافا إلى انهم لا يريدون باستشراقهم الا خدمة أمتهم وحكوماتهم، وليست آراؤهم العلمية خالية عن النزعات السياسية، ومع ذلك أليس من أبشع ما في كتاب الخطيب استشهاده بنقل ما وجد عند (براين) وحكاية (فولدكن) والجريدة الآسيوية الفرنسية؟
أليس هذا لو كان الخطيب صادقا في نقله شاهدا لما قلنا من أن كثيرا من المستشرقين لا يخدمون باستشراقهم الا سياسات حكوماتهم; ولا يطلبون الا بقاء سيادة الغرب على الشرق، واستعباد الأمم الشرقية سيما الاسلامية منها بالقاء الخصومات والخلافات بينهم؟ والا فأي مستشرق بصير عارف بلسان العرب وتاريخ الاسلام، ومقالات الشيعة وكتبهم، لا يعلم اختلاق هذه النسبة على الشيعة، ولا يعلم أن هذه الألفاظ لا تمس كرامة القرآن، وليس للشيعة علم واطلاع على هذه السورة المكذوبة على الله تعالى. فكان الخطيب لم يقرا قوله تعالى (ان جائكم فاسق بنبأ فتبينوا