يروجون الحضارات التي كانت قبل الاسلام، ويضعفون العلائق الدينية، يريدون بذلك ارجاعهم إلى الجاهلية، وأحيا شعائر الأمم الكافرة التي قضى عليها الاسلام قضا حاسما، ففي إيران يروجون أساطير كورش وداريوش، وعادات المجوس، وأيامهم وأعيادهم، كالسدة ومهرجان، وفى مصر يبعثون جمعيات للتحقيق في تاريخ الفراعنة وما يوصل مصر الحديثة بالقديمة. وهذا ما يسمونه (بالفولكلور) أي ترويج الدراسات الشعبية، والفحص عن عادات الشعب وعقائد أبنائه، ومدنيتهم وآثارهم وقصصهم في الأجيال الماضية، وكشف آثار الأقدمين، فيدعون الأدباء والكتاب إلى البحث عن العقائد التي نسيها الزمان، والعادات والبرامج المتروكة، ويشوقون بعض الشبان وضعفا العقول، ويصرفون الدراهم والدنانير والدولارات لتأليف الكتب وطبعها، ويستأجرون أقلام الصحف والمجلات والجرايد لترويج أهدافهم، وهذا من أضر ألاعيب الاستعمار على المسلمين، لم يقصدوا بذلك الا أحيا الحضارات السابقة على الاسلام، وتكثير العصبيات القومية وتفريق الكلمة، ويرى آثار هذه السياسات الغاشمة في مصر والشام، والعراق وإيران، وتركيا وشمال أفريقية، وهند واندونيسيا، ولبعض المستشرقين قدم راسخ في تحقيق أهداف الاستعمار، وتضعيف علائق الاتحاد الاسلامي، وأنشأ روح القبيلية، والنخوة الجاهلية التي حاربها الاسلام.
ومن أعظم البلية ان بعض من لا خبرة له بالتاريخ، ومصادر التشريع الاسلامي وأهداف الدين القويم يحسب آراء المستشرقين من أصح الآراء، ويستشهد بها مبتهجا بذلك.
ولبعضهم حول البحوث الاسلامية، وتاريخ رجال الدين وزعما الشرق كتب ومقالات ربما لا تجد فيه خلافا مع ما عليه المسلمون الا في نقطة واحدة، ولكنه لم يقصد بتأليف كتاب ضخم الا ابدا الشبهة في هذه النقطة، وانكار حقيقة واحدة.