فإنهما سورة واحدة، وسورة الفيل ولايلاف قريش، فهما أيضا واحدة، ولا تجد في أصل من أصولهم وفى أحاديثهم ورواياتهم سورة أخرى غير هذه السور الموجودة بين الدفتين.
ولا خلاف معتد به بين أهل السنة أيضا في ذلك، أي كون القرآن مأة وأربع عشرة سورة، نعم قال بعضهم: بأنها مأة وثلاث عشرة، فعد الأنفال والبراءة سورة واحدة، كما قد حكى عن بعضهم موافقتهم مع الشيعة في كون الضحى والم نشرح سورة واحدة، والفيل ولايلاف أيضا سورة واحدة ولكن اخرج أهل السنة في كتبهم روايات دلت على زيادة سور القرآن على ما بين الدفتين كسورتي القنوت (الحفد والخلع) وان مصحف أبى كان عدد سورها مأة وست عشرة، لأنه كتب في آخره سورتي الحفد والخلع.
وقد قال ابن حجر في شرح البخاري: وقد صح عن ابن مسعود انكار ذلك (يعنى انكار كون المعوذتين من القرآن) فاخرج احمد وابن حبان عنه انه لا يكتب المعوذتين وقال هبة الله بن سلامة (ت 410 ه) في الناسخ والمنسوخ فيما نسخ خطه وحكمه:
واما ما نسخ حكمه وخطه فمثل ما روى عن انس بن مالك (رض) انه قال: كنا نقرا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله سورة تعدلها سورة التوبة، ما احفظ منه غير آية واحدة: ولو أن لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا ولو أن له ثالثا لابتغى إليها رابعا ولا يملا جوف ابن آدم الا التراب ويتوب الله على من تاب.
وهذه الأخبار وان كانت مطروحة لا يجوز الاتكال عليها، وقامت الضرورة والاجماع من الفريقين على خلافها، ولا يشك من له معرفة بكلام العرب وفنون الأدب ان هذه الجمل لا تشبه بلاغة القرآن مضافا إلى ما في بعضها من الأغلاط اللفظية أو المعنوية التي أشار إليها المفسر الشيعي الشهير البلاغي، في مقدمة تفسيره، الا ان المنصف يعرف منها انه لو جاز نسبة القول بوقوع نقص السورة في القرآن إلى الشيعة أو أهل السنة (ولا يجوز ذلك البتة) لكان أهل السنة أولى بها، فإنهم نقلوا في كتبهم المعتبرة وتفاسيرهم ذلك، وان سمى بعضهم بعض هذه بمنسوخ التلاوة والحكم، أو منسوخ التلاوة فقط، فان ذلك لا يدفع الاشكال، لان وقوع النسخ محتاج إلى الاثبات، واتفق كلمة العلماء على عدم جواز نسخ القرآن بخبر الواحد، مضافا إلى أن بعض هذه الأخبار آب عن هذا التأويل، وقد تردد الأصوليون من السنيين في جواز تلاوة الجنب ما نسخت تلاوته، وفى جواز مس المحدث كتابته واختار بعضهم عدم الجواز.
واما الشيعة فلم يقل أحد منهم بنقص سورة من القرآن، ولا بزيادة سورة أو آية أو كلمة عليه، وليس في رواياتهم ما يدل على نقص سورة أو زيادتها، والسورة التي نسب اختلاقها إلى الشيعة، وسماها سورة الولاية لا ترى في أصول الشيعة وكتبهم منها