مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٩٩
وحول تحققها، ودفع من اتخذها وسيلة لمقاصدها السياسية، معارك دامية. ولعلك لا تجد ضحايا موضوع أكثر من ضحايا البشرية باسم إقامة الحق ورعاية العدل والقسط، والحماية عن حرية الإنسان وحقوقه.
والحاصل أن لبس الحق بالباطل، وعرض الباطل مقام الحق، وإن كان يصدر من أهل الباطل والمبطلين بكثير، غير أنه لا يضر الحق، والله تعالى يقول (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون) (1) هذا مضافا إلى أن قبول دعوة الدجاجلة المدعين للمهدوية كثيرا ما يقع من أجل عدم الاهتداء بعلامات المهدي (عليه السلام)، ونسبه، وخصائصه المصرحة بها في الأحاديث، وإلا ليس فيه موضع للإضلال والتضليل. ومن واجب العلماء أن يبينوا هذه العقيدة، وما تهدف إليه، وما به يعرف المهدي من الدجاجلة المدعين لمهدوية وفق الروايات المأثورة.
وثالثا: أن من الفروق بين المتواتر وغيره، أن في المتواتر اللفظي التفصيلي يحصل القطع واليقين بصدور حديث معين بعين ألفاظ متنه، وفيه لا يمكن الاختلاف والتعارض إلا مع متواتر آخر، والمتبع فيه علاج التعارض بالتوفيق والجمع بينهما بحمل العام على الخاص، أو المطلق على المقيد، أو الظاهر على الأظهر، وغير ذلك، والا فيتساقط ظاهر كل منهما من صلاحية الاستناد به، وفي المتواتر الإجمالي لا عبرة بالاختلاف وتعارض متون الأحاديث التي علم إجمالا بصدور واحد منها بلفظه، بل يؤخذ ما هو الأخص مضمونا من الجميع.
وفي المتواتر المعنوي - وهو ما اتفق عليه عدة أحاديث يحصل القطع بها عليه وإن لم يكن بينها مقطوع الصدور بلفظه ومتنه، مثل ما جاء في جود حاتم من الحكايات الكثيرة، فإن من جميعها يحصل القطع بما هو القدر المشترك والمضمون العام بين الجميع، وهو وجود حاتم في زمان من الأزمنة، وجوده - يؤخذ بالقدر المشترك والمضمون المتفق عليه بين الأحاديث.

(1) الأنبياء - 18
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 95 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»