مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٣٨٩
لبقائها في أيدي الأعداء إلا اختلاف الرؤساء المتغلبين على بلاد المسلمين، وتفرقهم وعدم اعتصامهم بحبل الله؟ وهل تجد لهؤلاء من عذر عند الله تعالى في تنصيب كل واحد منهم نفسه رئيسا أو أميرا أو سلطانا أو ملكا على مجموعة من المسلمين في بقعة من بقاع وطننا الإسلامي الكبير، من غير أن يتنازلوا عن هذه العروش لمصلحة الإسلام واجتماع كلمة المسلمين ووحدتهم، تحقيقا لقول النبي الأعظم (وهم يد على من سواهم)، حتى غدا العالم الإسلامي موزعا إلى دويلات ضعيفة واهية مشتقة متباعدة في المشارب والأهواء والسياسات.
فهذه عميلة لأمريكا، وتلك تعمل لمصلحة روسيا، هذه تقتل الفدائيين وتريد اجتثاثهم من الأرض، ومن كانت حاله أحسن منها في ذلك تترك نصرتهم بحجة أنها بعيدة عن منطقة المعركة، أو بدعوى ضعف إمكاناتها العسكرية والهجومية، إلى غير ذلك من الترهات والأباطيل.
ولقد أصبح المسلمون ويا للأسف الشديد في كافة مظاهر حياتهم وعاداتهم وأوضاعهم مقلدين لأعدائهم، ولو كان هذا التقليد فيما ينفع لكان نعمة وهو ليس بمعيب، إذ أن الأمم العاقلة هي التي تقتبس عن مثيلاتها كل ما تراه صالحا لها، ولكن الذي اقتبسناه نحن عن الأجنبي من عادات وتقاليد، أكثره يمكن فيه الضرر إن لم يكن جميعه كذلك.
فبالله عليك يا أخي قل، وليكن قولك الحق، أنحن في أكثر عاداتنا ومظاهر حياتنا، وقوانين حكوماتنا، مسلمون؟ أم إننا في واد وتعاليم ديننا ومفاهيمه في واد آخر؟
ولن أتعرض لما عليه صحافتنا وسائر وسائل إعلامنا، فإن ما هي عليه من ترويج الفساد وسوء الأخلاق والتشجيع على الدعارة، والدعوة إلى الخلاعة، والاستهتار بالقيم، والحث على الإلحاد، كل ذلك أمر بديهي لا يحتاج إلى برهنة.
ومن أشد أمراضنا مرض النفاق، إذ إننا نقول بإذاعاتنا ومآذننا وأثناء صلواتنا (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وعبده ورسوله)، مع أننا خارجون عن سلطان دين الله وسلطان أحكامه، متمسكون بالمناهج الكافرة الداعية
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 » »»