أبناء أمتك من هذه الشبكات التي حاكتها يد الإستعمار ونشرتها في بلادنا ومدارسنا وكلياتنا وأسواقنا، وحتى في بيوتنا، وإن كنت من طلاب الصلاح والإصلاح والفوز والفلاح، فتعال! تعال! لنستمسك بحبل القرآن، نهتدي بهداه، ونستضئ بنوره، ونعيش في ظلاله بأمن وطمأنينة، ونستشفي به من أدوائنا، ونستعين به على لأوائنا، ونرتله ترتيلا.
إننا يا أخي مسؤولون غدا عند الله تعالى عن هذا القرآن في محكمته العادلة، (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) (1). وسيخاصمنا نبينا (صلى الله عليه وآله) إذا كنا من الذين نبذوه وراء ظهورهم، يحتج علينا بكل آية من آياته، ويحاكمنا على كل حكم أهملناه من أحكامه.
إن داء المسلم المعاصر ليس إلا في تركه العمل بالقرآن والاكتفاء باسم الإسلام مسجلا على بطاقة هويته، محققا بذلك قول الرسول الصادق الأمين (سيأتي زمان على أمتي لا يبقى من القرآن إلا رسمه ولا من الإسلام إلا اسمه، يسمون به وهم أبعد الناس عنه).
إنني أدعوك أيها المسلم لأن ننظر بعين البصيرة إلى الآيات التالية، كرر، وأعد، ثم أعد تلاوتها، وتفكر ثم تفكر في معانيها وما تستهدفه من أغراض حكيمة وتعاليم سامية، ثم عرج بالنظر إلى واقع عالمنا الإسلامي، وإلى النظم الاجتماعية في بلاد المسلمين، فهل تجد بلدا طبق هذه الآيات، أو بعضها فيها كمنهاج للحياة في نظمه الاجتماعية أو السياسية أو مناهجه التثقيفية أو التربوية؟
أنا لا أقول بأنك لم تسمع بالآيات التي سأتلوها عليك، بل لاشك من أنك قد قرأتها كثيرا في صباحك ومسائك، وفي شهر صومك، وعند دعائك، وحينما أردت استكثار الثواب بقراءة كتاب الله تعالى، ولكن مجرد القراءة لا يكفينا ولا ينجينا إذا نحن لم نتفهم معانيه ومقاصده، ولم نأخذ بمضمون ما نقرأ، ولم نعمل بأوامره، ولم ننزجر بزواجره.
إن الغاية من نقلها إليك أيها الأخ المسلم إنما هي محاولة الاستفادة من تعاليمها السامية علها تشحذ في الهمة وتقوي عزائمنا، وتدفعنا إلى العمل على ضوئها، لنعيد بناء