أن العظيم هو ذلك الشخص الذي يتميز عن سائر الناس، ويتفوق عليهم بتحليه بإحدى صفات الكمال النفسية منها، أو الفكرية، أو الانسانية، أو العضلية، كأن يكون شجاعا، أو فيلسوفا متفوقا، أو مصورا بارعا، أو شاعرا محلقا، أو مخترعا مبدعا، أو قائدا ناجحا، أو غيره.
لكن عندما يكون الشخص الذي نتحدث عنه مثل الإمام علي (عليه السلام) الذي جمع كل الصفات ومختلف الكمالات البشرية، فإن ذلك مما يجعل الباحث أمامه حائرا.
لأنه سيقف أمام هذا الزخم الهائل من صفات العظمة والبطولة، والتي تكون بمجموعها عالما قد جمع في فرد، وما هذا بعجيب، وقد قيل قديما:
ليس على الله بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد حقا إن الدهر ليطأطئ هامه إعجابا واكبارا أمام هذه العظمة ذات النواحي المختلفة، والمتمثلة بطهارة الذات، وصلابة المعتقد، وصفاء السريرة، وغزارة العلم، وتوقد الفكر، وشجاعة القلب، وقوة الأيدي، وكنف الرحمة، وعنوان الزهد، ومثال التقوى، وحسن السياسة. أضف إلى ذلك ما عرف به - (عليه السلام) - من صفة الحاكم العادل، والمصلح الاجتماعي، والمعلم التربوي، والخطيب المفوه، والطبيب النفساني، والمتأله الرباني. وقد أعجب كل الدارسين لحياته والمتحدثين عن شخصه، فقد تسابق إلى التحدث عنه أرباب الأقلام وأصحاب الدراسات منذ عهد الرسالة وحتى اليوم، ولا تزال شخصيته اللغز الذي يعسر حله حتى حارت به العقول، ولم يقتصر هذا الاعجاب على المؤرخ أو الباحث، أو الدارس المحلل، وإنما تعداه إلى عالم الشعر والأدب، فكم تغني بعظمته الشعراء، وسجلوا في شعرهم أروع الصور التي تعبر عن شعورهم واعجابهم وصبهم لهذه الذات العظيمة