صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٥٨
و " حبس (1) معاوية صعصعة بن صوحان العبدي وعبد الله بن الكواء اليشكري ورجالا من أصحاب علي مع رجال من قريش، فدخل عليهم معاوية يوما فقال: نشدتكم بالله الا ما قلتم حقا وصدقا، أي الخلفاء رأيتموني؟ فقال ابن الكواء: لولا انك عزمت علينا ما قلنا، لأنك جبار عنيد، لا تراقب الله في قتل الأخيار، ولكنا نقول: انك ما علمنا واسع الدنيا ضيق الآخرة، قريب الثرى بعيد المرعى، تجعل الظلمات نورا والنور ظلمات، فقال معاوية: ان الله أكرم هذا الامر بأهل الشام الذابين عن بيضته، التاركين لمحارمه، ولم يكونوا كأمثال أهل العراق المنتهكين لمحارم الله، والمحلين ما حرم الله، والمحرمين ما أحل الله. فقال عبد الله ابن الكواء: يا ابن أبي سفيان ان لكل كلام جوابا، ونحن نخاف جبروتك، فان كنت تطلق ألسنتنا ذببنا عن أهل العراق بألسنة حداد لا يأخذها في الله لومة لائم، والا فانا صابرون حتى يحكم الله ويضعنا على فرحه. قال: والله لا يطلق لك لسان - ثم تكلم صعصعة فقال: تكلمت يا ابن أبي سفيان فأبلغت ولم تقصر عما أردت، وليس الامر على ما ذكرت، أنى يكون الخليفة من ملك الناس قهرا، ودانهم كبرا، واستولى بأسباب الباطل كذبا ومكرا، أما والله مالك في يوم بدر مضرب ولا مرمى، وما كنت فيه الا كما قال القائل: لا حلى ولا سيرى، ولقد كنت أنت وأبوك في العير والنفير ممن أجلب على رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم. وانما أنت طليق ابن طليق، أطلقكما رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم. فأنى تصلح الخلافة لطليق؟. فقال معاوية: لولا أني ارجع إلى قول أبي طالب حيث يقول:
قابلت جهلهمو حلما ومغفرة * * * والعفو عن قدرة ضرب من الكرم لقتلتكم، وسأله معاوية: من البررة ومن الفسقة؟ فقال: يا ابن أبي سفيان ترك الخداع من كشف القناع، علي وأصحابه من الأئمة الأبرار، وأنت وأصحابك من أولئك. وسأله عن أهل الشام فقال: أطوع الناس

(1) المسعودي هامش ابن الأثير (ج 6 ص 117).
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 355 356 357 358 359 360 362 363 364 ... » »»