وأنفذته بغير حكمه، ولم ترض بما فعلته وأنت ناء عني، حتى كتبت إلي تشهدني على نفسك، فأما أنا فإني قد شهدت عليك، أنا وإخواني الذين حضروا قراءة كتابك، وسنؤدي الشهادة غدا بين يدي الله الحكم العدل..
يا هارون، هجمت على بيت مال المسلمين بغير رضاهم. هل رضي بفعلك المؤلفة قلوبهم، والعاملون عليها في أرض الله، والمجاهدون في سبيل الله، وابن السبيل؟ أم رضي بذلك حملة القرآن، وأهل العلم؟!
أم رضي بفعلك الأيتام والأرامل؟!.
أم رضي بذلك خلق من رعيتك؟!.
فشد يا هارون مئزرك، وأعد للمسألة جوابا، وللبلاء جلبابا، واعلم أنك ستقف بين يدي الله الحكم العدل، فاتق الله في نفسك، إذا سلبت حلاوة العلم والزهد، ولذة قراءة القرآن. ومجالسة الأخيار، ورضيت لنفسك أن تكون ظالما، وللظالمين إماما.
يا هارون، قعدت على السرير، ولبست حرير، وأسبلت سترا دون بابك. وتشبهت بالحجبة برب العالمين، ثم أقعدت أجنادك الظلمة دون بابك وسترك، يظلمون الناس ولا ينصفون. ويشربون الخمر، ويحدون الشارب، ويزنون، ويحدون الزاني، ويسرقون، ويقطعون السارق. ويقتلون، ويقتلون القاتل، أفلا كانت هذه الأحكام عليك، وعليهم، قبل أن يحكموا بها على الناس؟! فكيف بك يا هارون غدا، إذا نادى المنادي من قبل الله:
احشروا الظلمة. وأعوانهم أين الظلمة، وأعوان الظلمة، فتقدمت بين يدي الله، ويداك مغلولتان إلى عنقك، لا يفكهما إلا عدلك وإنصافك، والظالمون حولك، وأنت لهم إمام، أو سائق إلى النار.