في ذلك الحين - لم يكن ذلك الأمر المعجزة، والخارق للعادة. بل كان أمرا طبيعيا للغاية، إذا ما أخذت الحالة الاجتماعية، والظروف والملابسات آنئذ بنظر الاعتبار، فإن الأمة كانت مهيأة نفسيا لقبول التغيير، أي تغيير. بل كانت تراه أمرا ضروريا، لا بد منه، ولا غنى عنه، إذا كانت تريد لنفسها الحياة الفاضلة، والعيش الكريم.
ولهذا.. فليس من الغريب أن نقول:
إنه كان بإمكان أية ثورة أن تنجح، لو أنها تهيأت لها نفس الظروف، وسارت على نفس الخط، واتبعت نفس الأساليب، التي اتبعها العباسيون في دعوتهم، وثورتهم.
ونستطيع أن نتبين أساليب العباسيين تلك في ثلاثة خطوط عريضة وواضحة.
الخط الأول:
" كانوا يصورون أنفسهم على أنهم ما جاءوا إلا لينقذوا الأمة من شرور بني أمية، وظلمهم، وعسفهم، الذي لم يكن يقف عند حدود.
وكانت دعوتهم تتخذ اتجاه التبشير بالخلاص، وأنهم سوف يقيمون حكما مبدؤه العدل، والمساواة، والأمن والسلام. وقد كانت وعودهم هذه كسائر الوعود الانتخابية، التي خلقتها الدعوة العباسية في الجماهير مسؤولة إلى حد كبير عن ردود الفعل العنيفة، التي ألفناها من ساسة العصر الحديث... بل لقد كانت الأماني التي خلقتها الدعوة العباسية في الجماهير مسؤولة إلى حد كبير عن ردود الفعل العنيفة، التي حدثت ضد الحكم العباسي بعد ذلك، حيث كان حكمهم قائما على الطغيان المتعطش إلى سفك الدماء (1). ".