حياة الإمام الرضا (ع) - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٢٤
ال‍ " 100 " مليون (1)، وإذا كان هذا حال الولاة، فكيف ترى كان حال الخلفاء، الذين كانوا يحقدون على كل القيم، والمثل، والكمالات الإنسانية،.. والذين وصف الكميت رأيهم في الناس، فقال:
رأيه فيهم كرأي ذوي الثلة في التائجات جنح الظلام.
جز ذي الصوف وانتقاء لذي المخة، نعقا ودعدعا بالبهام (2).
نعم.. لقد كانت الأمة قد اقتنعت اقتناعا كاملا ونهائيا: بأن بني أمية ليس لهم بعد حق في أن يفرضوا أنفسهم قادة للأمة، ولا روادا لمسيرتها، لأن نتيجة ذلك ستكون - حتما - هي جر الأمة إلى الهاوية.
حيث الدمار والفناء، فلفظتهم، وانقلبت عليهم، تأخذ منهم بعض الحقوق التي لها عندهم، إلى أن تمكنت أخيرا من أن تخلي منهم الديار، وتعفي منهم الآثار..
* * * وكان نجاح العباسيين طبيعيا..
ومن هنا نعرف: أن نجاح العباسيين في الاستيلاء على مقاليد الحكم -

(١) السيادة العربية ص ٣٢، ترجمة الدكتور حسن إبراهيم حسن، ومحمد زكي إبراهيم.
وفي البداية والنهاية ج ٩ ص ٣٢٥: أن دخل خالد القسري كان في كل سنة " 13 " مليون دينار، ودخل ولده يزيد بن خالد كان " 10 " ملايين دينار سنويا، ولا بأس بمطالعة كتاب السيادة العربية، ليعرف ما أصاب، وخصوصا العراقيين والخراسانيين في عهد الأمويين.
(2) الهاشميات ص 26، 27. والثلة: القطعة الكثيرة من الضان. والثائجات: الصائحات.
وانتقاء: اختيار، وأراد بذي المخة: السمينة، ونعقا: أي صياحا. والدعدعة:
زجر البهائم.
يقول: رأي الواحد من هؤلاء الخلفاء في رعيته، ومعاملته لها كرأي أصحاب الغنم في غنمهم، فلا يراعون العدل، ولا الإنصاف فيهم..
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 19 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست