حتى لقد وصف: " ديونيسيوس " جباة الخراج في العراق في سنة (200 ه.) بأنهم: " قوم من العراق، والبصرة. والعاقولاء، وهم عتاة، ليس في قلوبهم رحمة، ولا إيمان، شر من الأفاعي، يضربون الناس، ويحبسونهم. ويعلقون الرجل البدين من ذراع واحد، حتى يكاد يموت " (1).
والإيرانيون أيضا لم يكونوا أحسن حالا:
ولم يكن حالا الإيرانيين من هذه الجهة بأفضل من حال أهل العراق.
ويذكر الجاحظ: أن المأمون ولى محمود بن عبد الكريم التضيف " فتحامل على الناس، واستعمل فيهم الأحقاد والدمن، فخفض الأرزاق، وأسقط الخواص، وبعث في الكور، وأنحى على أهل الشرف والبيوتات، حسدا لهم، وإشفاء لغليل صاحبه منهم، فقصد لهم بالمكروه والتعنت فامتنعت طائفة من الناس من التقدم إلى العطاء، وتركوا أسماءهم، وطائفة انتدبوا مع طاهر بن الحسين بخراسان، فسقط بذلك السبب بشر كثير.. " (2).
يقول الجنرال جلوب وهو يتحدث عن المأمون ".. وراح يلقي خطبته الأولى في الناس، فيعدهم بأن يكون حكمه فيهم طبقا للشرع، وأن يكرس نفسه لخدمة الله وحده. وقد أثارت هذه الوعود التقية حماسة عند الناس. وكانت من أهم أسباب انتصاره. لكن هذه الوعود ما لبثت أن تحولت إلى فجيعة نزلت بالناس، إذ أن الخليفة ما لبث أن نسيها. " (3)