بل نلاحظ: أنه كان يستفيد من أخطاء أخيه الأمين، فإن: " الفضل عندما رأى اشتغال الأمين باللهو واللعب، أشار على المأمون بإظهار الورع والدين، وحسن السيرة، فأظهر المأمون ذلك.. وكان كلما اعتمد الأمين حركة ناقصة اعتمد المأمون حركة شديدة " (1).
ومن هنا نعرف السر فيما يظهر من رسالته للعباسيين، حيث نصب فيها نفسه واعظا تقيا، وأضفى عليها هالة من التقى والورع!! والزهد في الدنيا!! والالتزام بأحكام الشريعة، وتعاليم الدين!!. ليروه ويراه الناس نوعية أخرى تفضل نوعية أخيه الأمين، وتزيد عليها.
ما يقال عن المأمون:
وعلى كل حال.. فإن المأمون كان قد برع في العلوم والفنون، حتى فاق أقرانه، بل فاق جميع خلفاء بني العباس..
وقد قال بعضهم: " لم يكن في بني العباس أعلم من المأمون " (2).
وقال عنه ابن النديم إنه: " أعلم الخلفاء بالفقه والكلام " (3).
وقال عنه محمد فريد وجدي: " لم يل الخلافة بعد الخلفاء الراشدين أكفأ منه " (4).
وفي الأخبار الطوال: " وكان شهما، بعيد الهمة، أبي النفس، وكان نجم بني العباس في العلم والحكمة. "