وفي لفظ: قال علي: " هذا شئ لم اسمع به ".
قال: " صدقت يا علي ".
فمكث علي تلك الليلة مفكرا فلما أصبح أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له: " لم أزل البارحة أفكر فيما قلت لي فعرفت الحق والصدق في قولك، وانا اشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وانك رسول الله " (1).
ومن قوله (صلى الله عليه وآله): " لا تخبر بها أحدا ": نعرف أن ذلك قبل ايمان أحدا من الناس.
وسوف يأتي قوله (صلى الله عليه وآله): " ان الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تصديقا لنبوتك وبرهانا على دعوتك ".
فهو يعرف أن للأنبياء معاجزا لتصديق النبوة وبراهينا لاثبات البعثة.
* قال العقاد: (لقد ملأ الدين الجديد قلبا لم ينازعه فيه منازع من عقيدة سابقة، ولم يخالطه شوب بكدر صفاءه ويرجع به إلى عقابيله، فبحق ما يقال: أن عليا كان المسلم الخالص على سجيته المثلى وان الدين الجديد لم يعرف قط أصدق اسلاما منه ولا أعمق نفاذا فيه) (2).
* وقال أبو جعفر الإسكافي بعد ذكر حديث الدار:
فهل يكلف عمل الطعام ودعاء القوم صغير غير مميز؟! وغير عاقل؟!
وهل يؤتمن على سر النبوة طفل؟! وهل يدعي في جملة الشيوخ والكهول إلا عاقل لبيب؟! وهل يضع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يده في يده ويعطيه صفقة يمينه بالآخرة والوصية والخلافة إلا وهو اهل لذلك؟!
بالغ حد التكليف محتمل لولاية الله وعداوة أعدائه، وما بال هذا الطفل لم يأنس بأقرانه ولم يلصق بأشكاله ولم ير مع الصبيان في ملاعبهم بعد اسلامه؟!.
بل ما رأيناه إلا ماضيا على اسلامه، مصمما في أمره محققا لقوله بفعله قد صدق اسلامه بعفافه وزهده ولصق برسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بين جميع من بحضرته.
وقد ذكر هو (عليه السلام) في كلامه وخطبه بدء حاله وافتتاح أمره حيث أسلم لما دعا رسول الله الشجرة فأقبلت تخذ الأرض فقالت قريش: ساحر حفيف السحر.