سماوية وكل ذلك قبل البعثة.
وكان يعلم بوجود الأنبياء وضرورة النبوة ووجوب الايمان وتصديق الرسول المرسل من الله تعالى، وكل ذلك من محمد (صلى الله عليه وآله) معلمه الأول والأخير صاحبه وملازمه ومربيه.
هذا إضافة إلى علمه بذلك قبل خلقه وهم أنوار حول عرش الله، أو عند الميثاق، وإن شئت قلت عند تكون الطينة، كما تقدم في الكتاب الأول.
وعلى ضوء ذلك لنا ان ندعي ان أمير المؤمنين كان مهيئا لتلقي الدعوة الاسلامية وعرض الاسلام، سواء قلنا إنه مهيأ منذ ذاك العالم أم ان محمدا (صلى الله عليه وآله) هو الذي هيأه في صحبته إياه قبل البعثة ما يقارب الست سنوات (1).
وفعلا عندما عرضت عليه نبوة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) لم يستنكر ولم يستغرب لعلمه بالنبوات السابقة وكيفيتها وضرورتها، نعم لم يسارع إلى الاسلام بمجرد العرض * (حاجة في نفس يعقوب) *.
بل طلب المهلة حتى يفكر ليله كما يحدثنا ابن عباس قال: " عرض على علي الاسلام ".
فقال علي: انظرني الليلة.
فقال له النبي: " هي أمانة في عنقك لا تخبر بها أحدا " (2).
وقاله البلاذري بلفظ: " يا علي هذا دين الله الذي اصطفاه واختاره، وأنا أدعوك إلى الله وحده، وأن تذر اللات والعزى فإنهما لا تنفعان ولا تضران ".
فقال علي: " ما سمعت بهذا الدين إلى اليوم، وأنا أستأمر أبي فيه ".
- فكره النبي أن يفشي ذلك قبل استعلان أمره -.
فقال: " يا علي ان فعلت ما قلت لك، وإلا فأكتم ما رأيت ".
فمضى ليلته ثم غدا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال له: " أعد علي ما قلت ".
فأعاد، فأسلم (3).