2 - الإمام علي والتربية في حجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
وأما التربية الروحية والفكرية والأخلاقية فقد تلقاها علي - عليه السلام - في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي الضلع الثاني من أضلاع شخصيته الثلاثة.
ولو أننا قسمنا مجموعة سنوات عمر الإمام - عليه السلام - إلى خمسة أقسام لوجدنا القسم الأول من هذه الأقسام الخمسة من حياته الشريفة، يشكل السنوات التي قضاها - عليه السلام - قبل بعثة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
وان هذا القسم من حياته الشريفة لا يتجاوز عشر سنوات، لأن اللحظة التي ولد فيها علي - عليه السلام - لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد تجاوز الثلاثين من عمره المبارك، هذا مع العلم بأنه صلى الله عليه وآله وسلم قد بعث بالرسالة في سن الأربعين.
وعلى هذا الأساس لم يكن الإمام علي - عليه السلام - قد تجاوز السنة العاشرة من عمره يوم بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة، وتوج بالنبوة.
إن أبرز الحوادث في حياة الإمام علي - عليه السلام - هو تكوين الشخصية العلوية، وتحقق الضلع الثاني من المثلث الذي أسلفناه بواسطة النبي الأكرم وفي ظل ما أعطاه صلى الله عليه وآله وسلم لعلي - عليه السلام - من أخلاق وأفكار، لأن هذا القسم في حياة كل انسان وهذه الفترة من عمره هي من اللحظات الخطيرة، والقيمة جدا، فشخصية الطفل في هذه الفترة تشبه صفحة بيضاء نقية تقبل كل لون وهي مستعدة لان ينطبع عليها كل صورة مهما كانت، وهذه الفترة من العمر تعتبر - بالتالي - خير فرصة لأن ينمي المربون والمعلمون فيها كلما أودعت يد الخالق في كيان الطفل من سجايا طيبة وصفات كريمة، وفضائل أخلاقية نبيلة، ويوقفوا الطفل - عن طريق التربية - على القيم الأخلاقية والقواعد الإنسانية وطريقة الحياة السعيدة، وتحقيقا لهذا الهدف السامي تولى النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه تربية علي - عليه السلام - بعد ولادته، وذلك عندما أتت فاطمة بنت أسد بوليدها علي - عليه السلام - إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلقيت من رسول الله حبا شديدا لعلي حتى أنه قال لها:
اجعلي مهده بقرب فراشي وكان صلى الله عليه وآله وسلم يطهر عليا في وقت غسله، ويوجر اللبن عند شربه، ويحرك مهده عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويلاحظه ويقول: هذا أخي، ووليي وناصري وصفيي وذخري وكهفي، وصهري، ووصيي، وزوج كريمتي، وأميني على وصيتي وخليفتي (1).