الأئمة الإثني عشر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٨٤
فأئمة المسلمين على حد قول القائل:
ووال أناسا نقلهم وحديثهم * روى جدنا عن جبرئيل عن الباري ولقد عاتب الإمام الباقر - عليه السلام - سلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة حيث كانا يأخذان الحديث من الناس ولا يهتمان بأحاديث أهل البيت، فقال لهما: شرقا وغربا فلا تجدان علما صحيحا إلا شيئا خرج من عندنا أهل البيت.
ورغم أن الخلفاء العباسيين قد وضعوا الإمام تحت الإقامة الجبرية وجعلوا عليه عيونا وجواسيس، ولكن روى عنه الحفاظ والرواة أحاديث جمة في شتى المجالات، بل يروى أن الإمام - عليه السلام - ورغم كل ذلك كان على اتصال مستمر بالشيعة الذين كان عددهم يقدر بعشرات الملايين، وحيث كان لا مرجع لهم سوى الإمام - عليه السلام -.
كما أن الكلام عن أخلاقه وأطواره، ومناقبه وفضائله، وكرمه وسخائه، وهيبته وعظمته، ومجابهته للخلفاء العباسيين بكل جرأة وعزة، وما نقل عنه من الحكم والمواعظ والآداب، يحتاج إلى تأليف مفرد وكفانا في ذلك علماؤنا الأبرار، بيد أنا نشير هنا إلى لمحة من علومه.
1 - لقد شغلت الحروف المقطعة بال المفسرين فضربوا يمينا وشمالا، وقد أنهى الرازي أقوالهم فيها في أوائل تفسيره الكبير إلى قرابة عشرين قولا، ولكن الإمام - عليه السلام - عالج تلك المعضلة بأحسن الوجوه وأقربها للطبع، فقال: كذبت قريش واليهود بالقرآن، وقالوا سحر مبين تقوله.
فقال الله: {ألم ذلك الكتاب} أي: يا محمد، هذا الكتاب الذي نزلناه عليك هو الحروف المقطعة التي منها ألف، لام، ميم وهو بلغتكم وحروف هجائكم، فأتوا بمثله إن كنتم صادقين، واستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم، ثم بين أنه لا يقدرون عليه بقوله: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} (1) (2).

(1) الإسراء / 88.
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»