وهذا الموسم على وشك اقتراب، ومحمد يجهر بدعوته لا يبالي أحدا. وقد سمعت قريش ما تلاه من كلمات ربه، فأدركت من فورها أنها المعجزة التي لا يملك أي عربي يصغي إليها، أن يصرف عنها سمعه وقلبه وضميره.
فإن خلت قريش بين محمد والقبائل الوافدة على الموسم، يتلو فيها هذا القرآن، فإن العرب لن يترددوا في الايمان بالمعجزة.
وفي دار الندوة بمكة، حيث اعتادت قريش من عهد جدها (قصي بن كلاب) أن تعقد فيها مجالسها كلما أهمها أمر واحتاجت فيه إلى المدارسة وتبادل الرأي، اجتمع نفر من طواغيت قريش وقام فيهم (الوليد بن المغيرة المخزومي) فقال:
- يا معشر قريش، إن وفود العرب ستقدم عليكم، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيا ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا.
قالوا: فأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأيا نقول به.
قال: بل أنتم فقولوا اسمع.
قالوا: نقول، كاهن.
ورد عليهم الوليد بن المغيرة:
- لا والله ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه.
قالوا: فنقول، مجنون.