هناك صعوبة في الإقناع بعدم كفاءة صبي اعتيادي مهما كان ذكيا وفطنا للإمامة بمعناها الذي يعرفه الشيعة الإماميون (1)، وكان هذا أسهل وأيسر من الطرق المعقدة وأساليب القمع والمجازفة التي انتهجتها السلطات وقتئذ.
إن التفسير الوحيد لسكوت الخلافة المعاصرة عن اللعب بهذه الورقة (2)، هو أنها أدركت أن الإمامة المبكرة ظاهرة حقيقية وليست شيئا مصطنعا.
والحقيقة أنها أدركت ذلك بالفعل بعد أن حاولت أن تلعب بتلك الورقة فلم تستطع، والتأريخ يحدثنا عن محاولات من هذا القبيل وفشلها (3)، بينما لم يحدثنا إطلاقا عن موقف تزعزعت فيه ظاهرة الإمامة المبكرة أو واجه فيه الصبي الإمام إحراجا يفوق قدرته أو يزعزع ثقة الناس فيه.
وهذا معنى ما قلناه من أن الإمامة المبكرة ظاهرة واقعية في حياة أهل البيت وليست مجرد افتراض، كما أن هذه الظاهرة الواقعية لها جذورها وحالاتها المماثلة في تراث السماء الذي امتد عبر الرسالات والزعامات الربانية.
ويكفي مثالا لظاهرة الإمامة المبكرة في التراث الرباني لأهل البيت (عليهم السلام) يحيى (عليه السلام) إذ قال الله سبحانه وتعالى: (يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا) سورة مريم: 12.