الكنى والألقاب - الشيخ عباس القمي - ج ٣ - الصفحة ٦٦
أستوا (1) من العرب الذين قدموا خراسان.
توفى أبوه وهو صغير، فقرأ الأدب في صباه، وكانت له قرية مثقلة الخراج، فسافر إلى نيسابور ليتعلم طرفا من الحساب ليتولى الاستيفاء ويحمي قريته من مثقلة الخراج، فاتفق حضوره مجلس الشيخ أبى علي الدقاق، فلما سمع كلامه أعجبه ووقع في قلبه، فرجع عن ذلك العزم وسلك طريق الإرادة، فقبله الدقاق وأشار عليه بالاشتغال بالعلم، فأخذ عن أبي بكر محمد بن أبي بكر الطوسي وأبى بكر بن فورك، والحاكم بن البيع والأستاذ أبى إسحاق الأسفرايني، ويحضر مجلس أبى علي الدقاق، فزوجه الدقاق ابنته.
وبعد وفاة الدقاق سلك القشيري مسلك المجاهدة والتجريد وصنف التيسير في علم التفسير والرسالة والقشيرية في رجال الطريقة.
حكي عن هذه الرسالة انه كتب في باب الجود والسخاء ان عبد الله بن جعفر خرج إلى ضيعة فنزل على نخيل قوم وفيهم غلام اسود يعمل عليها إذا أتى الغلام بغذائه وهو ثلاثة أقراص، فرمى بقرص منها إلى كلب كان هناك فأكله ثم رمى إليه الثاني والثالث فأكلهما وعبد الله بن جعفر ينظر، فقال: يا غلام كم قوتك كل يوم؟ قال: ما رأيت، قال: فلم آثرت هذا الكلب؟ قال إن هذه الأرض ليست بأرض كلاب، وانه جاء من مسافة بعيدة جائعا فكرهت رده، فقال عبد الله بن جعفر: فما أنت صانع اليوم؟ قال: أطوي يومي هذا، فقال عبد الله بن جعفر لأصحابه: ألام على السخاء وهذا أسخى مني، ثم اشترى الغلام فأعتقه، واشترى الحائط وما فيه ووهب ذلك له إنتهى.
وله مجالس الوعظ والتذكير، قال الباخرزي في الثناء عليه: لو قرع الصخر بصورت تحذيره لذاب، ولو ربط إبليس في مجلسه لتاب.
وذكره الخطيب في تاريخه وقال: قدم علينا - يعني إلى بغداد - في سنة

(1) أستوا: بضم أوله وسكون ثانيه ناحية بنيسابور كثيرة القرى
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»