أهلا، لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري، فإذا وليتك فستعلم كيف صنيعي بك، فتضمه حتى تلتقي أضلاعه.
وان المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه عذاب القبر انه يسلط على الكافر في تسعة وتسعين تنينا فينهشن لحمه ويكسرن عظمه، يترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث، لوان تنينا منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعا.
يا عباد الله ان أنفسكم الضعيفة، وأجسادكم الناعمة الرقيقة، التي يكفيها اليسير تضعف عن هذا، فان استطعتم ان تجزعوا لأجسادكم وأنفسكم بما لا طاقة لكم به، ولا صبر لكم عليه فاعملوا بما أحب الله واتركوا ماكره الله (الخ).
قال ابن خلكان قال محمد بن حبيب: صعد الوليد بن عبد الملك المنبر فسمع صوت ناقوس فقال: ما هذا؟ فقيل: البيعة، فأمر بهدمها، وتولى بعض ذلك بيديه، فتتابع الناس يهدمون فكتب إليه الأحزم ملك الروم: ان هذه البيعة قد أقرها من كان قبلك فان يكونوا أصابوا فقد أخطأت، وإن يكن أصبت فقد أخطأوا، فقال: من يجيبه؟ فقالوا الفرزدق، فكتب إليه:
(وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفثت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما) الآية.
وأخبار الفرزدق كثيرة لا يسعها المقام، توفى بالبصرة سنة 110، ولما مات الفرزدق وبلغ خبره جريرا بكى وقال: أما والله اني لأعلم اني قليل البقاء بعده، ولقد كان نجمنا واحدا، وكل واحد منا مشغول بصاحبه، وقل ما مات ضد أو صديق إلا وتبعه صاحبه.
وكذلك كان توفى جرير سنة 110 التي مات فيها الفرزدق.
والفرزدق: كسفرجل الرغيف يسقط في التنور، والفرزدقة القطعة من العجين.