الكنى والألقاب - الشيخ عباس القمي - ج ٣ - الصفحة ١٥
ولبعض أرباب الوجد والعرفان (هو ابن العربي) كتاب كبته إلى الفخر الرازي يعجبني نقل بعض كلماته قال فيه! وقد وقفت على بعض تأليفك وما أيدك الله به من القوة المتخيلة والفكرة الجيدة، ومتى تغذت النفس كسب يديها فإنها لا تجد حلاوة الجود والوهب، وتكون ممن اكل من تحته، والرحل من يأكل من فوقه كما قال الله تعالى: (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما انزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) وليعلم وليي وفقه الله ان الوراثة الكاملة وهي التي تكون من كل الوجوه لا من بعضها، والعلماء ورثة الأنبياء، فينبغي للعاقل العالم ان يجتهد لان يكون وارثا من كل الوجوه، ولا يكون ناقص الهمة، إلى أن قال: وينبغي للعالي الهمة ان لا يكون معلمه مؤنثا، كما لا ينبغي ان يأخذ من فقير أصلا، وكل مالا كمال له إلا بغيره فهو فقير، وهذا حال كل ما سوى الله تعالى.
فارفع الهمة في أن لا تأخذ علما إلا من الله سبحانه على الكشف واليقين، ولقد أخبرني من ألفت به من إخوانك ومن له فيك نية حسنة انه رآك وقد بكيت يوما فسألك هو ومن حضر عن بكائك، فقلت: مسألة اعتقدتها منذ ثلاثين سنة تبين لي الساعة بدليل لاح لي ان الامر علي خلاف ما كان عندي فبكيت وقلت: لعل الذي لاح لي أيضا يكون مثل الأول، فهذا قولك، ومن المحال على الواقف بمرتبة العقل والفكر أن يسكن أو يستريح ولا سيما في معرفة الله تعالى.
وقال: وينبغي العاقل ان لا يطلب من العلوم إلا ما يكمل به ذاته وينقل معه حيث انتقل، وليس ذلك إلا العلم بالله تعالى، فان علمك بالطب إنما يحتاج إليه في عالم الأمراض والأسقام، فإذا انتقلت إلى عالم ما فيه السقم ولا المرض فمن تداوى بذلك العلم.
وكذلك العلم بالهندسة إنما يحتاج إليه في عالم المساحة، فإذا انتقلت تركته
(١٥)
مفاتيح البحث: الكسب (1)، الجود (1)، الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»