الكنى والألقاب - الشيخ عباس القمي - ج ٢ - الصفحة ٨٦
قلت أبو عبد الله قال: ثبت الله كنيتك ووفقك يا أبا عبد الله ما مسألتك؟
فقلت في نفسي لو لم يكن لي من زيارته والتسليم غير هذا الدعاء لكان كثيرا، ثم رفع رأسه ثم قال: ما مسألتك؟ فقلت: سألت الله ان يعطف قلبك علي ويرزقني من علمك، وأرجو ان الله تعالى أجابني في الشريف ما سألته فقال:
يا أبا عبد الله ليس العلم بالتعليم إنما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى ان يهديه فان أردت العلم فاطلب أولا في نفسك حقيقة العبودية واطلب العلم باستعماله واستفهم الله يفهمك، قلت يا شريف: فقال: قل يا أبا عبد الله قلت: يا أبا عبد الله ما حقيقة العبودية؟ قال: ثلاث أشياء ان لا يرى العبد لنفسه فيما خوله الله ملكا، لان العبيد لا يكون لهم ملك يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله به، ولا يدبر العبد لنفسه تدبيرا وجملة اشتغاله فيما أمره تعالى به ونهاه عنه، فإذا لم يرد العبد لنفسه فيما خوله الله تعالى ملكا هانت عليه الانفاق فيما أمره الله تعالى ان ينفق فيه، وإذا فوض العبد تدبير نفسه على مدبره هان عليه مصائب الدنيا، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه لا يتفرغ منهما إلى المراء والمباهاة مع الناس، فإذا أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدنيا وإبليس والخلق، ولا يطلب الدنيا تكاثرا وتفاخرا، ولا يطلب ما عند الناس عزا وعلوا، ولا يدع أيامه باطلا، فهذا أول درجة التقى.
قال الله تبارك وتعالى: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين)، قلت: يا أبا عبد الله أوصني، قال أوصيك بتسعة أشياء فإنها وصيتي لمريدي الطريق إلى الله تعالى، والله اسأل ان يوفقك لاستعماله، ثلاثة منها في رياضة النفس وثلاثة منها في الحلم وثلاثة منها في العلم فاحفظها، وإياك والتهاون بها، قال عنوان ففرغت قلبي له فقال: أما اللواتي في الرياضة فإياك ان تأكل ما لا تشتهيه فإنه يورث الحماقة والبله ولا تأكل إلا عند الجوع، وإذا اكلت فكل حلالا وسم الله واذكر حديث الرسول صلى الله عليه وآله
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»