إلى القبر فقال ابنة عم أمير المؤمنين فضحك المنصور حتى استلقى ثم قال له ويحك فضحتنا بين الناس. وحكي ان روح بن حاتم المهلبي وكان واليا على البصرة خرج إلى حرب الجيوش الخراسانية ومعه أبو دلامة فخرج من صف العدو مبارز فخرج إليه جماعة فقتلهم فتقدم روح إلى أبي دلامة بمبارزته فامتنع فألزمه فاستعفاه فلم يعفه فأنشد أبو دلامة:
اني أعوذ بروح إن تقدمني * إلى القتال فيخزي بي بنو أسد إن المهلب حب الموت أورثكم * ولم ارث انا حب الموت من أحد إن الدنو إلى الأعداء أعلمه * مما يفرق بين الروح والجسد لو أن لي مهجة أخرى لجدت بها * لكنها خلقت فردا فلم أحد فاقسم عليه ليخرجن وقال لماذا تأخذ رزق السلطان؟ قال لأقاتل عنه، قال فما بالك لا تبرز إلى عدو الله؟ فقال أيها الأمير ان خرجت إليه لحقت بمن مضى، وما الشرط ان اقتل عن السلطان بل أقاتل عنه؟ فحلف الروح لتخرجن إليه فتقتله أو تأسره أو تقتل دون ذلك فلما رأى أبو دلامة الجد منه، قال أيها الأمير تعلم أن هذا أول يوم من أيام الآخرة ولابد فيه من الزوادة فامر له بذلك فاخذ رغيفا مطويا على دجاجة ولحم وسطيحة (أي مزادة) من شراب وشيئا من نقل، وشهر سيفه وحمل وكان تحته فرس جواد، فأقبل يجول ويلعب في الرمح، وكان مليحا في الميدان والفارس يلاحظ ويطلب منه غرة حتى إذا وجدها حمل عليه والغبار كالليل، فأغمد أبو دلامة سيفه وقال للرجل لا تعجل واسمع مني عافاك الله كلمات ألقيهن إليك فإنما أتيتك في مهم فوقف مقابله وقال ما المهم؟ قال أتعرفني؟ قال لا، قال انا أبو دلامة، قال قد سمعت بك حياك الله، فكيف برزت إلي وطمعت في بعد من قتلت من أصحابك؟ فقال ما خرجت لأقتلك ولا لأقاتلك ولكني رأيت لياقتك وشهامتك فاشتهيت ان تكون لي صديقا واني لأدلك على ما هو أحسن من قتالنا، قال قل على بركة الله تعالى، قال أراك قد تعبت وأنت بغير شك