الصحف ذنبي فما انا مؤمل غير غفرانك، ولا انا براج غير رضوانك، قال فشغلني الصوت واقتفيت الأثر فإذا هو علي بن أبي طالب " ع " فاستترت له فركع ركعات من جوف الليل ثم فرغ إلى الدعاء والبكاء والبث والشكوى فكان مما به الله ناجى ان قال إلهي أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي، ثم قال آه إن انا قرأت في الصحف سيئة انا ناسيها وأنت محصيها فتقول خذوه فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشيرته ولا تنفعه قبيلته، ويرحمه الملا إذا اذن فيه بالنداء، ثم قال آه من نار تنضج الأكباد والكلى آه من نار نزاعة للشوى آه من غمرة من ملهبات لظى، قال ثم أنعم في البكاء فلم اسمع له حسا ولا حركة فقلت غلب عليه النوم لطول السهر فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة فحركته فلم يتحرك فقلت إنا لله وانا إليه راجعون مات والله علي بن أبي طالب فاتيت منزله وذكرت قصته فقالت فاطمة هي والله يا أبا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله انتهى ملخصا.
(أبو دلامة) بضم الدال زند بن الجون كوفي مولى لبني أسد أدرك آخر بنى أمية ونبغ في أيام بنى العباس ومدح عبد الله السفاح والمنصور وهو صاحب البغلة المعروفة التي أشار إليها الحريري بقوله في المقامة التبريزية: وأنت تعلم انك أحقر من قلامة وأعيب من بغلة أبى دلامة. قالوا من عيوب بغلته انها كانت تحبس بولها، فإذا ركبها ومر بها على جماعة وقفت ورفعت ذنبها وبالت ثم رشتهم ببولها، وكان أبو دلامة صاحب نوادر وأدب ونظم.
وحكي انه كان اسود عبدا حبشيا. ومن نوادره: انه توفيت لأبي جعفر المنصور ابنة عم فحضر جنازتها وجلس لدفنها وهو متألم لفقدها كئيب عليها فاقبل أبو دلامة وجلس قريبا منه فقال له المنصور ويحك ما أعددت لهذا المكان وأشار