والكرامة، والإباء، والعفة، والترفع عن الدنايا، واستدرار عطف اللئام.
والقانع بالكفاف أسعد حياة، وأرخى بالا، وأكثر دعة واستقرارا، من الحريص المتفاني في سبيل أطماعه وحرصه، والذي لا ينفك عن القلق والمتاعب والهموم.
والقناعة بعد هذا تمد صاحبها بيقظة روحية، وبصيرة نافذة، وتحفزه على التأهب للآخرة، بالأعمال الصالحة، وتوفير بواعث السعادة فيها.
ومن طريف ما أثر في القناعة:
أن الخليل بن أحمد الفراهيدي كان يقاسي الضر بين اخصاص البصرة، وأصحابه يقتسمون الرغائب بعلمه في النواحي.
ذكروا أن سليمان بن علي العباسي، وجه إليه من الأهواز لتأديب ولده، فأخرج الخليل إلى رسول سليمان خبزا يابسا، وقال: كل فما عندي غيره، وما دمت أجده فلا حاجة لي إلى سليمان. فقال الرسول: فما أبلغه؟ فقال:
أبلغ سليمان اني عنه في سعة * وفي غنى غير اني لست ذا مال والفقر في النفس لا في المال فاعرفه * ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال فالرزق عن قدر لا العجز ينقصه * ولا يزيدك فيه حول محتال (1) وفي كشكول البهائي أنه ارسل عثمان بن عفان مع عبد له كيسا من الدراهم إلى أبي ذر وقال له: ان قبل هذا فأنت حر، فأتى الغلام بالكيس إلى أبي ذر، وألح عليه في قبوله، فلم يقبل، فقال له: أقبله