يستحقونه من عقاب عاجل أو آجل، فالمكر السيئ لا يحيق الا بأهله ولعنة التاريخ تلاحق الطواغيت وتمطرهم بوابل الذم واللعن وتنذرهم بسوء المغبة والمصير، وفي التاريخ شواهد جمة على ذلك.
منها ما حكاه الرواة عن ابن الزيات: إنه كان قد اتخذ في أيام وزارته تنورا من حديد، وأطراف مساميره محدودة إلى داخل وهي قائمة مثل رؤوس المسال، وكان يعذب فيه المصادرين وأرباب الدواوين المطلوبين بالأموال، فكيف ما انقلب واحد منهم أو تحرك من حرارة العقوبة تدخل المسامير في جسمه، فيجدون لذلك أشد الألم ولم يسبقه أحد إلى هذه المعاقبة.
فلما تولى المتوكل الخلافة اعتقل ابن الزيات، وامر بادخاله التنور وقيده بخمسة عشر رطلا من الحديد، فأقام في التنور أربعين يوما ثم مات (1).
ومنها: الحجاج بن يوسف الثقفي.
فإنه تأمر عشرين سنة، وأحصي من قتله صبرا سوى من قتل في عساكره وحروبه فوجد - مائة الف وعشرين ألفا - وفي حبسه خمسون الف رجل، وثلاثون الف امرأة، منهن ستة عشر ألفا مجردة، وكان يحبس النساء والرجال في موضع واحد، ولم يكن للحبس ستر يستر الناس من الشمس في الصيف، ولا من المطر والبرد في الشتاء.
ثم لاقى جزاء طغيانه واجرامه خزيا ولعنا وعذابا، وكانت عاقبة امره انه ابتلي بالآكلة في جوفه، وسلط الله عز وجل عليه الزمهرير،