يشاكلوه لما اتبعوه وأحبوه حتى آثروه على الله ورسوله، فكل حديث فيه ثناء على أحد من حزب الفئة الباغية، أو كان فيه ما يحط من قدر علي ع أو ذويه، ولو على بعد فهو من الموضوعات كيادا وعداوة للنبي ولعلي، له إذا دققت النظر في الأسانيد وتراجم رجالها تجد حينئذ فيها من يتهم باختلاق ذلك كيادا لعلي، أو تزلفا إلى النواصب وطمعا في صلاتهم.
وقد تصعب معرفة من في السند إذا جودوه، أي أخرجوا منه المتهمين من الوسط، وبقي لهم من يمكن عادة سلسلة الإسناد بهم، والتجويد هذا من أخبث أنواع التدليس، وأشدها خفاء إذ لا يدركه إلا من علم بوجود أولئك المتهمين في سلسلة الإسناد قبل التجويد، وقد راج كثير من الكذب لاختلاطه بالصدق، أو لوصوله من طريق من ظاهرهم الصلاح، أو لقبول بعضهم تلك المرويات لحسن ظنهم بمن رواها، أو لكونه من ذوي الصيت والجاه، أو من المقربين إلى الحكام المقبولي القول عندهم، أو لأنه من المتخشعة المتنسكين رياء ليقنصوا المال والجاه، وليفسدوا الدين، أو لهيبة من روى ذلك وأظهر تصديقه، وصححه، وأدخله في كتابه، أو للخوف من أن ينبز بالرفض، أو لغير ذلك من الأغراض.