السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ١٧٢
وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت ففعل ذلك معه ثلاثة أيام قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه فجعلنا أيها المساكين أي أصحاب الصفة نقول نبينا صلى الله عليه وسلم ما يصنع بدم ثمامة والله لأكله جزور سمينة من فدائه أحب الينا من دم ثمامة وفي الاستيعاب أنه صلى الله عليه وسلم انصرف عن ثمامة وهو يقول اللهم أكلة لحم من جزور أحب إلي من دم ثمامة ثم أمر به فأطلق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الثالث قال أطلقوا ثمامة فقد عفوت عنك يا ثمامة فأطلق فانطق إلى ماء جار قريب من المسجد فاغتسل وطهر ثيابه ثم دخل المسجد فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أي وهذا يخالف ما ذكره فقهاؤنا من الاستدلال بقصة ثمامة على أنه يستحب لمن أسلم أن يغتسل لإسلامه ثم رأيت بعض متأخري أصحابنا أجاب بأنه أسلم أولا ثم لما اغتسل أظهر إسلامه وفي الاستيعاب فأسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل كما في رواية أخرى أنه قال يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي والله ما كان على الأرض من دين أبغض إلي من دينك فقد أصبح دينك أحب الدين كله إلي والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فقد أصبح بلدك أحب البلاد إلي ثم شهد شهادة الحق فلما أمسى جيء له بما كان يأتيه من الطعام فلم ينل منه الا قليلا ولم يصب من حلاب اللقحة الا يسيرا فعجب المسلمون قال وقال يا رسول الله إني خرجت معتمرا وفي لفظ في الصحيح فإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى فأمره أن يعتمر فلما قدم بطن مكة لبى فكان أول من دخل مكة ملبيا فأخذته قريش فقالوا لقد اجترأت علينا أنت صبوت يا ثمامة قال أسلمت وتبعت خير دين محمد والله لا يصل إليكم حبة من حنطة أي من اليمامة من أرض اليمن وكانت ريفا لأهل مكة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدموه ليضربوا عنقه فقال قائل منهم دعوه فإنكم تحتاجون إلى اليمامة فخلوا سبيله فخرج ثمامة إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئا حتى أضربهم الجوع وأكلت قريش العلهز وهو الدم يخلط بأوبار الإبل فيشوى على النار كما تقدم فكتبت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع إنك تأمر بصلة الرحم وإنك قطعت أرحامنا فكتب
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»