إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانا يجر ثوبه واعتنقه وقبله وسأله فأخبره بما ظفره الله تعالى به وحينئذ يشكل قوله في الأصل ثبت عن ابن سعد أن لزيد بن حارثة سريتين بوادي القرى إحداهما في رجب والأخرى في رمضان فإنه بظاهره يقتضي أنه أرسل غازيا المرتين لبني فزراة بوادي القرى وقد علمت أن كلام ابن سعد يدل على أن زيد بن حارثة في السرية الأولى إنما كان تاجرا اجتاز ببني فزارة بوادي القرى فقاتلوه هو وأصحابه وأخذوا معهم ثم رأيت الأصل تبع في ذلك شيخه الحافظ الدمياطي حيث قال سرية زيد بن حارثة إلى وادي القرى في رجب قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا رضي الله تعالى عنه أميرا ثم قال سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة بناحية وادي القى في رمضان وفيه ما علمت ثم لا يخفى أن في هذا إطلاق السرية على الطائفة التي خرجت للتجارة ولا يختص ذلك بمن خرج للقتال أو لتجسس الأخبار وقد تقدم سرية عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه إلى دومة الجندل بضم الدال المهملة وبفتحها وأنكره ابن دريد لبني كلب بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه فأقعده بين يديه وعممه بيده قال أي بعد أن قال له تجهز فإني باعثك في سرية من يومك هذا أو من الغد إن شاء الله تعالى ثم امره أن يسري من الليل إلى دومة الجندل في سبعمائة وعسكروا خارج المدينة فلما كانت وقت السحر جاء عبد الرحمن بن عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أحببت يا رسول الله أن يكون آخر عهدي بك وكان عليه عمامة من كرابيس أي غليظة قد لفها على رأسه فنقضها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم عممه بعمامة سوداء وأرخى بين كتفيه منها اربع أصابع أو نحوا من لك ثم قال هكذا يا ابن عوف فاعتم فإنه أحسن وأعرف
(١٨٣)