السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ١٤١
وممن قال بصحة المناولة مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه روى إسماعيل بن صالح عنه أنه أخرج لهم كتابا مشدودة وقال لهم هذه كتبي صححتها ورويتها فارووها عني فقال له إسماعيل بن صالح نقول حدثنا مالك قال نعم وفي لفظ أن عيد الله رضي الله تعالى عنه لما قرأ الكتاب قال سمعا وطاعة أي بعد أن استرجع ثم أعلم أصحابه وقال لهم من كان يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق ومن كره ذلك فليرجع فأما أنا فماض إلى آخر رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضوا لم يتخلف منهم أحد حتى إذا كانوا ببحران بفتح الموحدة وبضمها وسكون الحاء المهملة موضع أضل سعد بن أبي وقاص وعيينة بن غزوان بعيرهما فتخلفا في طلبه ومضى عبد الله ومن عداهما معه حتى نزل بنلخة فمرت عير لقريش أي تحمل زبيبا وأدما أي جلودا من الطائف وأمتعة للتجارة في تلك العير عمرو بن الحضرمي وعثمان بن المغيرة وأخوه نوفل والحكم بن كيسان ونزلوا قريبا من عبد الله وأصحابه وتخوفوا منهما فاشرف عليهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه أي وتراءى لهم ليظنوا أنهم عمارا فيطمئنوا أي وذلك بإرشاد عبد الله بن جحش رضي الله تعالى عنه فإنه قال لهم إن القوم قد ذعروا منكم فاحلقوا رأس رجل منكم فليتعرض لهم فحلقوا راس عكاشة ثم أشرف عليهم فلما رأوا رأسه محلقوا قالوا عمار أي هؤلاء معتمرون لا باس عليكم منهم وكان ذلك آخر يوم من شهر رجب أي وقيل أول يوم منه ويدل للأول ما جاء ان عبد اله تشاور مع أصحابه فيهم فقال بعضهم لبعض إن تركتموهم في هذه الليلة دخلوا الحرم فقد تمنعوا منكم به وان قتلتموهم في هذا اليوم تقتلوهم في الشهر الحرام أي وكان ذلك قبل أن يحل القتال في الشهر الحرام فإن تحريم القتال في الأشهر الحرم كان معمولا به من عهد إبراهيم وإسماعيل عليهم الصلاة والسلام جعل الله ذلك مصلحة لأهل مكة فإن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما دعا لذريته بمكة أن يجعل الله أفئدة من الناس تهوي إليهم لمصلحتهم ومعاشهم وجعل الأشهر الحرم أرعة ثلاثة سردا وواحدا فردا وهو رجب أما الثلاثة فليأمن فليأمن الحجاج فيها ورادين لمكة وصادرين عنها شهرا قبل شهر الحج وشهرا آخر بعده قدر ما يصل الراكب من أقصى بلاد العرب ثم يرجع وأما رجب فكان للعمار يأمنون فيه مقبلين ومدبرين وراجعين
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»