السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ١١٤
وفي الطبراني قصة شبيهة بقصة عمران وأن الذي كلأم لهم الفجر ذو مخبر قال ذو مخبر فما أيقظني الا حر الشمس فجئت أدنى القوم فايقظته وأيقظ الناس بعضهم بعضا حتى اسيتقظ النبي صلى الله عليه وسلم فليتأمل وتقدم على الإمتاع قال عطاء بن يسار إن ذلك كان بتبوك وهذا لا يصح وإلا فالآثار الصحاح على خلاف مقولة مسندة ثابتة والله أعلم واستشكل ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم نحن معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة وقد قالت له أتنام قبل أن توتر قال تنام عيني ولا ينام قلبي وأجيب عنه باجوبه حسنها أن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به كالحدث والألم لا يدرك ما يتعلق بالعين كرؤية الشمس وطلوع الفجر ومن الأجوبة أنه صلى الله عليه وسلم كان له نومان نوم تنام فيه عينه وقلبه ونوم تنام فيه عينه فقط وينبغي أن يكون هذا الثاني أغلب أحواله وإن كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مثله في ذلك ويكون قوله صلى الله عليه وسلم نحن معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا أي غالبا ويكون هذا حاله دائما وأبدا إذا كان متوضئا لقولهم إنه لا ينقض وضوؤه صلى الله عليه وسلم بالنوم وفي جعله العين محلا للنوم نظر لأن العين إنما هي محل السنة ومحل النعاس الرأس ومحل النوم القلب قال الحافظ السيوطي وكون القلب محلا للنوم دون العين لا يشكل عليه قوله صلى الله عليه وسلم تنام عيناي ولا ينام قلبي لأنه من باب المشاكلة وفيه بحث هذا كلامه واستشكل قوله صلى الله عليه وسلم ارتحلوا فان هذا منزل حضرنا فيه الشيطان وفي لفظ ارتحلوا فإن هذا واد به الشيطان بأنه يقتضى تسلط الشيطان على النبي صلى الله عليه وسلم لأن الظاهر أن وجود الشيطان هو السبب في النوم عن الصلاة وأجيب بأنه على تسليم ذلك فإن تسليطه انما كان على من كان يحفظ الفجر بلال أو غيره ففي بعض الروايات كما تقدم إن الشيطان أتى بلالا فلم يزل يهدئه كما يهدا الصبي حتى نام ثم لحق صلى الله عليه وسلم بالجيش وقبل لحوقه صلى الله عليه وسلم بهم قال لأصحابه ما ترون الناس يعني الجيش فعلوا قالوا الله ورسوله أعلم فقال صلى الله عليه وسلم وأطاعوا أبا بكر وعمر ورشدوا وذلك أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما أرادا أن ينزلا
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»